المجتمع هو الجدار القصير الذي يقفز عليه كل مسؤول يقصر في عمله.
"نتقاعس عن تطبيق العمل ثم نرمي التهم على المجتمع". هذه العبارة تختصر كثيرا من حال مؤسسات الدولة ومسؤوليها!
لدينا أكثر من مليون شريحة اتصال مسبقة الدفع مجهولة الهوية، وحين نبحث عن أسباب المشكلة، نفاجأ بمسؤول كبير في هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات يقول إن: "انتشار شرائح الاتصال مجهولة الهوية ليست مسؤولية جهة معينة"، وكأنه يبرئ هيئته أولا، ثم يضيف: "وليس مسؤولية الجهات الرسمية فقط، بل هي مسؤولية عدة جهات منها المجتمع المدني والإعلام"!
ثم يقول المسؤول الكبير، إن استخدام الشرائح مجهولة الهوية يعد "جرما جنائيا يشمل التزوير وانتحال الشخصية". دون أن يشير إلى جريمة شركات الاتصالات التي تخرج منها تلك الشرائح حتى أغرقت السوق بمليون شريحة مجهولة. "ألقاه في اليم مكتوفا فقال له/ إياك إياك أن تبتل بالماء"!
ثم يؤكد المسؤول، كما قال في برنامج "الثامنة"، أن هيئة الاتصالات المنظم لسوق الاتصالات تحارب هذه الظاهرة، وكان لها قرار تلو قرار للحد منها، لكنه يخجل من أن يقول: "فشلت الهيئة في القضاء على ظاهرة انتشار شرائح الاتصال مجهولة الهوية"!
قبل عامين ابتكرت هيئة الاتصالات فكرة "جديدة" لمحاربة انتشار شرائح الاتصال المجهولة، فربطت السجل المدني بعملية شحن الرصيد، لكن يبدو أن ذكاء الشباب كان أقوى من فكر هيئة الاتصالات، فابتكر مستخدمو الهواتف الذكية في السعودية تطبيقا ذكيا نجح في إعادة شحن البطاقات مسبقة الدفع دون الحاجة إلى إدخال رقم السجل المدني، وقال المتحدث الإعلامي للهيئة سلطان المالك، إن الهيئة رصدت التطبيق، مؤكدا أنهم بصدد سدّ جميع الثغرات، وأن لديهم فريقا تقنيا في الهيئة يعمل على السيطرة على هذا البرنامج.
في كل الدول المجاورة لا توجد شريحة اتصالات مجهولة، مع أنه بإمكانك شراء الشريحة من السوق خلال دقائق وذات البائع يسجلها باسمك، وتستطيع شحنها دون السجل المدني. لنتعلم من غيرنا بدل اتهام المجتمع!
ربما أن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بلا أيدٍ، فقط لديها لسان تصدر عبره قرارات لا تطبق، وربما أنها لا تستطيع إرسال مراقبيها لتفتيش مكاتب شركات الاتصالات لتبحث كيفية خروج تلك الشرائح عبر مكاتبها.
(بين قوسين)
إذا كانت قرارات هيئة الاتصالات بلا تطبيق، فذلك إيحاء بأن عملها إبراء للذمة فقط!