اطلعت على مقال الكاتب صالح الحمادي في "الوطن" العدد 5088 بتاريخ 4/ 9/ 2014 تحت عنوان "دواعش الهيئة"، الذي تناول فيه قضية وجود بعض من أعضاء الهيئة يعتتقون فكرا متطرفا، والحق أن الكاتب كان دقيقا وواضحا في توجيه الاتهام، ولم يكن هناك تعميم كما يزعم البعض، وهو لم يقل أيضا شيئا جديدا، ففي هذه الصحيفة العدد رقم 5100 بتاريخ 16/ 9/ 2014 وفي الصفحة الأولى كان تصريح رئيس هيئة ا?مر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ عبداللطيف آل الشيخ مقاربا لمضمون مقال الكاتب. إذ صرح أنه تم طرد مجموعة من منسوبي الهيئة، بعد أن ثبت أنهم يتربصون بأمن الوطن، والكاتب ورئيس الهيئة أيضا لم يأتيا بجديد، فالقاصي والداني يعلم أن فينا وبيننا متطرفون، بعضهم في الهيئة وبعضهم الآخر في غيرها من الأجهزة الحكومية وغير الحكومية، وأن التفريخ مازال مستمرا مع الأسف، بسبب وجود بعض الحواضن التي استطاعت البقاء رغم الضربات القوية التي حققتها وزارة الداخلية، بقيادة سمو وزير الداخلية ورجال ا?من البواسل، ولكن هؤلاء المتطرفين المتخفين بدؤوا يستخدمون تكتيكا جديدا يسمى "التقيا" فتجدهم خلال النهار وحتى في وسائل ا?علام وطنيون حتى النخاع، مع العلم أنهم يعدّون الوطنية ضربا من ضروب الوثنية!، ولكن حين يحل الظلام وتخلو هذه الخفافيش إلى جحورها، تنكب على أجهزتها في عتمة الليل التي تعشقها لتتجلى فيها عتمة ا?فكار، فيبدؤون بشن حروبهم القذرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ضد ولاة ا?مر وضد الوطن وضد كل من لا يعتنق فكرهم الضال، وفي حربهم ا?لكترونية هذه لا يعرفون الخطوط الحمراء ولا الحلال ولا الحرام، وما يجوز وما لا يجوز، فكل شيء مباح.

يستغلون الأحداث والحروب التي تقع في العالم ا?سلامي لتجنيد الشباب، وزجهم في أتون تلك الصراعات، ويضخمون بعض قضايا المجتمع ليس لإيمانهم بعدالة تلك القضايا، ولكن لاستغلالها في بث الفرقة بين أبناء المجتمع الواحد، وتجييش المجتمع ضد بعضه البعض ضد نظام الحكم.

فهم ضد الفعاليات الثقافية التي تقام من مهرجانات ومسرحيات. وهم ضد برنامج خادم الحرمين للابتعاث. وضد الكُتاب الذين سخروا أقلامهم للتصدي لهؤلاء وفكرهم الضال. وما هجومهم على هذا الكاتب وغيره من الكتاب الوطنيين في هذه الصحيفة إلا امتدادا لحروبهم المستمرة على وسائل الإعلام التي تعري أفكارهم أمام المجتمع وبمهنية عالية، يشهد بها الجميع بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما تلاها من أحداث وأعمال إرهابية حدثت على أرضنا الطاهرة، وفي مواقع أخرى من العالم.

لقد أصدر هذا التيار تهديدات متكررة لهذه الصحيفة ومنسوبيها، وقد شاهدنا مداخلات هؤلاء ضد هذه الصحيفة وكتابها، وقد أمطروهم بسيل من التهم والتهديدات والوعيد، وكأن الكاتب ارتكب جرما لا يغتفر أو كأنه كفر كفرا بواحا والعياذ بالله، والواقع أن الكاتب لم يقل إلا الحقيقة التي يدركها الجميع، ومجتمعنا والحمد الله أصبح واعيا بما يكفي، والحقيقة أن هذه الحملات ليس الهدف منها نصرة الهيئة أو نصرة الدين أو الحفاظ على الثوابت؛ لكن هدفها هو إثارة الفتنة، فرئيس الهيئة الحالي شخصية معتدلة، وقد قام منذ توليه زمام ا?مور على رأس الهيئة بعمل هيكلة شاملة لتطهير الجهاز من حاملي أفكار التطرف، والحق يقال إنه قد واجه وابلا من الاتهامات والسخط من هذا التيار نفسه، ولكنه صمد فلم تثنه هذه الحملات القوية والممنهجة عن إكمال مهمته، ولم تغير من قناعة وثقة ولاة ا?مر في كفاءته، والطريق مازال طويلا، والمواجهة مازالت مستمرة، فهذا التيار المتطرف كالخلية السرطانية في جسم المجتمع، يحتاج إلى معالجة طويلة، فلن يستسلم ولن يتراجع وسوف يستغل كل قضية تثار في هذا المجتمع لتجييرها لصالحه، وهو أيضا مستمر في تصنيف المجتمع إلى تصنيفات ما أنزل الله بها من سلطان. والوقع أن من يعود إلى التاريخ ا?سلامي يجد أن هؤلاء موجودون عبر تاريخنا منذ زمن الخلافة الراشدة وحتى اليوم، وفقه التكفير والإقصاء موجود، وللأسف فقد تم تبنيه في فترات متفاوتة، وفي مراحل مختلفة من التاريخ، ظنا آثما أن هذا هو منهج أهل السلف.

نسأل الله العلي القدير، أن يحفظ لنا خادم الحرمين الشريفين، وأن يمتعه بالصحة والعافية، وأن يحفظ وطننا من شر ا?شرار، وكيد الكائدين، وحقد الحاقدين.


محمد عبدالعزيز العامر

عضو مجلس منطقة عسير