أبلغت مصادر مطلعة "الوطن" أن تركيا لجأت للعلاقات الأميركية مع أطراف عراقية "شيعية" بهدف الوصول إلى تحرير الرهائن الأتراك من قبضة "داعش"، مقابل مشاركتها في التحالف الدولي واستخدام أراضيها لقصف التنظيم، وتشير المصادر إلى أن أنقرة، أخطرت وزيري الدفاع والخارجية الأميركيين بهذا الطلب صراحة في الأيام الماضية.

يأتي ذلك، فيما قالت واشنطن إن مقاتلات نفذت غارة بالقرب من بغداد وأخرى بالقرب من سنجار في شمال العراق في الـ24 ساعة الماضية، وأوضح رئيس هيئة الأركان المشتركة مارتن ديمبسي، أن الضربات الأميركية في سورية، لن تكون بأسلوب "الصدمة والرعب"، بل ستعتمد "التكرار، والتواصل".

إلى ذلك، انتقد نائب وزير الخارجية الأمير عبدالعزيز بن عبدالله، ربط الجماعات كـ"داعش" وغيرها، بـ"الإسلامية"، وطالب في مؤتمر "الخليج العربي والتحديات الإقليمية" بالرياض أمس، بضرورة تسمية الجماعات بأسمائها، ووصفها بأوصافها، بعيداً عن الإسلام.

 




تكاد لا تتوقف الزيارات الدبلوماسية إلى بيت القرار السياسي التركي في أنقرة، فالأميركيون لم يكتفوا فقط بزيارة وزير الدفاع الأميركي تشاك هاجل؛ لإقناع الأتراك بتوسيع حدود مشاركتهم في التحالف الدولي ضد "داعش"، حتى أعقبه بعد يوم واحد من انتهاء مؤتمر جدة الإقليمي الجمعة الفائت وزير الخارجية الأميركي جون كيري للسبب ذاته أيضا.

يتفهم الأميركيون جيدا التردد التركي في عدم المشاركة، بسبب مواطنينهم "الرهائن" لدى "داعش" منذ يونيو الماضي، بما فيهم القنصل التركي في الموصل، إلا أن معلومات مهمة في الإطار ذاته كشفتها مصادر دبلوماسية لـ"الوطن" تؤكد أن العلاقات الأميركية العميقة مع الأطراف العراقية، وخاصة الشيعية منها، تستطيع أن تقدم جديدا في هذا الملف الشائك، وربما تحريرهم، وتشير تلك المصادر إلى أن أنقرة أخطرت وزيري الدفاع والخارجية الأميركيين بهذا الطلب صراحة، وهي المعادلة التي يمكن أن تغير وجهة تركيا 180 درجة، نظير الحدود الطويلة التي تشترك بها مع سوريا "900 كلم".

ويؤكد المصدر الدبلوماسي التركي في قراءته للوضع أن ما طرحه الأتراك علانية عبر رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو من ضرورة النظرة الاستراتيجية للتحالف، فعدم إسقاط نظام بشار الأسد و"داعش" هدف واحد غير مجزأ على الإطلاق.

يمكن التطرق للتحليل السياسي الذي أعطى محدداته ديفيد شينكر، مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن، تحت عنوان "هزيمة الدولة الإسلامية دون تحريض الأشرار"، وأبرز ما جاء به الرجل من أنه وفقا لمصادر تركية، قامت أنقرة بالفعل بنشر بعض القوات في العراق لتعزيز مقدرة قوات البشمركة الكردية لمواجهة "داعش"، ولكن هناك تقارير ذكرت أن تركيا رفضت طلبات الولايات المتحدة بتوسيع نطاق نشر هذه القوات. ويرى شينكر أن تركيا قد تتراجع ـ العضو في "حلف شمال الاطلسي" وإحدى الدول الشرق أوسطية القليلة التي لديها جيش فعلي ـ عن قرارها وتزيد من التزاماتها، إذ من المرجح أن يكون الرئيس رجب طيب إردوغان قلقا من أن يؤدي المزيد من التورط التركي المباشر إلى تعريض حياة العشرات من الأتراك، الذين تحتجزهم عناصر "داعش" حاليا، للخطر، إلا أنه في أحسن الأحوال، قد تسمح تركيا لطائرات التحالف باستخدام "قاعدة إنجرليك الجوية" في جنوب البلاد لاستهداف التنظيم. كما أن المصدر التركي يصف تشدد قيادة بلاده السياسية بـ"المبرر"، ويؤكد أن ما تثيره بعض الدول الأوروبية بشأن تهاون تركيا في عبور المقاتلين الأجانب عبر حدودها غير صحيح إطلاقا، مرددا ما ذكره مؤخرا داود أوغلو من التحذيرات المبكرة لتنبيه واشنطن من خطورة استفحال تنظيم "داعش". وقال المصدر الدبلوماسي: "حتى ولو حرر الأميركيون رهائننا، من الطبيعي أن نغير سياستنا في الحلف، لكن مع الأخذ في عين الاعتبار المصلحة التركية القومية، قبل المصالح الأميركية، وهي نقطة يعلمونها جيدا".