خطب إردوجان الطيب التركي في الجالية التركية في مدينة كولن الألمانية بتاريخ 10 فبراير من عام 2008م في حشد من عشرين ألف إنسان ففتح فاه فقال: حيث يذهب التركي يحمل معه الحب والصداقة والسلام والإخلاص والمودة، أما الكراهية والعداوة فهي ليست من طبعنا.

يعقب الألماني المثقف الجديد الذي أطل علينا بكتابه الساخط (ألمانيا تلغي نفسها Deutschland schaft sich ab؟) أو بكلمة أدق ألمانيا تختم على نفسها بنفسها، وتمارس الانتحار والانقراض بالزحف الإسلامي لأوروبا؟

يعقب تيلو سرّاتسين (Thilo Sarrazin) فيقول لنضع فقرة رئيس الوزراء التركي تحت مجهر التحليل: التركي يحمل الصداقة بكلمة مقلوبة غير التركي لا يحمل سوى عكسها إذن؟

هكذا يفهم المثقف الألماني وسيناتور مالية سابق في برلين وعضو هام في الحزب الديموقراطي الاشتراكي الألماني (SPD)؟

كان يجب على إردوجان أن يقول إن هناك من أمثال تيلو سراتسين من العنصريين البغيضين والنازيين الجدد بدون صليب معقوف على الكتف إخوانكم في هذه الأرض الألمانية فأدوا لهم التحية الهتلرية: هاي هتلر!!

يتابع تيلو سراتسين: إن إردوجان قال إنهم يطالبونكم بالاندماج في المجتمع الألماني والذوبان فيه فتصبحون قطعة منه فلا يتيمزون عنهم بشيء (assimilation) والكلام الآن لإردوجان متوجها فيه للأتراك؟ إنني أتفهم حساسيتكم تجاه الذوبان الكامل في المجتمع الألماني...حسنا.. علينا ألا نتوقع من أحد أن يتحمل الذوبان في المجتمع الألماني.. لا أحد يتوقع منكم أن تخضعوا لذوبان الهوية.. إن الذوبان جريمة ضد الإنسانية؟؟

يعقب تيلو سراتسين فيقول ليس من رئيس دولة يقصد قومه إلى بلد آخر فينطق ماقاله إردوجان إلا ويكون أضحوكة أو تردادا لمفاهيم تعود لبقايا القرن التاسع عشر إنها شوفينية؟

ونسأل نحن شبه المثقف الألماني كون الرجل يشتغل بالدرهم والدينار في البنك الألماني ولكنه يفتي في مصير الدولة والمستقبل ولذا قالت عنه المستشارة ميركل إنه رأي شخصي ولا سيطرة لنا على البنك؟؟

لقد عشت في ألمانيا قريبا من عقد من الزمن وعانيت من هذه العقد الكثير، وهو مادفعني في النهاية أيضا إلى أن أغادر البلد وأبحث عن جنة أخرى حقيقية فاكتشفت كندا، حيث يقولون لك منذ أن تضع قدمك فيها حافظ على ثقافتك ولا تذوب ولا تفرط في هويتك وأغن الثقافة الكندية بما عندك؟

والسؤال الملح هو لماذا يكتب نصف المثقف هذا مثل هذا الكتاب فيحيي الإحن والمحن ويفجر العداوات في أرض غارقة بالدم من أيام التيتون وخاضت عباب حروب دينية وقومية وعالمية، يكفي أن نعلم أن حرب الثلاثين سنة التهمت 6.5 ملايين نسمة من أصل عشرين مليون من السكان، وأن الحرب العالمية الثانية قضمت بشراهة خيرة الشباب الألماني ربما فاقوا 12 مليون ضحية لايعلمهم إلا الله، وفي كل مرة كانت تنفجر الحروب من الأرض الألمانية حتى هدأت حدتها مع دخول الاتحاد الأوروبي على ماقاله مهندس الاتحاد القديم إن ألمانيا لن تعرف السلام إلا بقيادة أوروبا بسلام واتحاد بين الأمم الأوربية؟

السيد تيلو سراتسين ليس وحده فهناك اتجاه بأكمله يرى المسألة الديموغرافية بعين كئيبة أن الألمان ينقرضون بفعل ثقافة الكيف والمتعة، والأتراك يتوالدون بفعل ثقافة الدين الحنيف؟

ما الحل إذن؟ ترحيل الموجودين، وتجفيف القادمين، وأحيانا لامانع من ترويع وحرق البعض والكتابة على الجدران

(Auslaender RAUS) ...أيها الأجنبي انقلع من هنا؟

إن الكراهيات والغرائز النازية والتوحش العنصري يصطدم دوما بصخرة الواقع، والنصيحة للملايين من المسلمين في ألمانيا من ترك وعجم وعرب وبربر بثلاث: أحيوا القيم الألمانية العريقة ودافعوا عنها، من احترام الوقت وقوة العمل ودقة الإنجاز والحفاظ على الوعد والموعد، وحافظوا على تراثكم من خير البرية بإفشاء السلام والصلاة والناس نيام.

وأما تيلو وهتلر وروزنبيرج ومعتقلات داخاو وآوسشفيتس وثقافة الكراهية فتبرأوا منها وقل سلام فسوف يعلمون..

جاء في الإنجيل (متى ـ الإصحاح الخامس) الذي لايعرفه تيلو: طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض.. طوبى لصانعي السلام لأنهم عباد الله يدعون.. طوبى لأنقياء القلب لأنهم الله يعاينون.. طوبى لكم إذا طردوكم وعذبوكم فقد فعلوا كذلك بالأنبياء من قبل..

لقد كانت ألمانيا يوما تيوتونية جاهلية، ثم هذبتها المسيحية، حتى أصبحت علمانية، واليوم يدخلها الإسلام التركي الصوفي المعتدل المتسامح المهذب؛ فيدخل كل عام آلاف الألمان في دين الله أفواجا، وربما سيكون حفيد تيلو مسلما يعتذر للمسلمين من جاهلية جده العظمى.