غاب الجمهور الرياضي عن حضور افتتاح دورة الخليج العربي الثانية والعشرين في الرياض مساء الخميس الماضي في ظاهرة تحدث لأول مرة في تاريخ كرة القدم السعودية في مباريات الافتتاح لدورة الخليج أو البطولات الكبرى أو المباريات الهامة للمنتخب الوطني الأول.

ولكي لا ندس رؤوسنا في الرمل ونقول إن السبب برودة الجو أو عدم الدخول في أجواء البطولة أو إقامتها في الرياض بدلا من جدة أو التشبع من كثرة المباريات أو بعد الإستاد عن مركز المدينة أو غيرها من الأعذار الواهية التي نحاول فيها طمس الواقع المؤلم الذي تعيشه الرياضة السعودية، علينا أن نبحث الأسباب التي أدت إلى حضور طاغ وتفاعل كبير لمباريات الأندية وحضور مخز لمباريات المنتخب الأول.

الغياب القسري لابد أن له أسبابه التي تحتاج من جامعاتنا ومراكز الأبحاث إلى دراسة الوضع من ناحية رياضية واجتماعية وثقافية ونفسية وبشكل عاجل ووضع النتائج والتوصيات على طاولة الرئيس العام لرعاية الشباب بأسرع وقت ممكن، لحل أزمة حقيقية تعصف بالكرة السعودية بعد طغيان الردح الإعلامي، حيث تعم فوضى عارمة بالمنابر الإعلامية لكل من هب ودب للدفاع عن نادية ولاعبه المفضل ولجانه وأعضائه المفضلين.

إن تصريح الدكتور عبداللطيف بخاري عضو مجلس إدارة اتحاد كرة القدم السعودي قبيل دورة الخليج بأيام معدودة حول تهميش دور الأعضاء في تنظيم الدورة قد يضع أيدينا على الخيط الأول لهذه المعضلة التي بدأت منذ سنوات وأصبحت تتراكم إلى أن وصلت لمرحلة التأثير الفعلي على تشجيع المنتخب ودعمه.

هناك أسباب جوهرية لهذا الغياب يتداولها البعض في المجالس الخاصة ويؤكدون على أنها تلعب دورا كبيرا في الإحجام عن تشجيع المنتخب ولكنني أفضل الاتجاه لدراسة الوضع من جهة علمية لكي تحلل الوضع بشكل دقيق وتطرح توصيات لمساعدة المسؤولين في اتخاذ القرار المناسب.

الغريب أن اتخاذ قرار الدخول المجاني تم قبل الافتتاح بساعة واحدة فقط وكان الأجدى أن تقوم الجهة المختصة ببيع التذاكر بعمل إحصائية عن حجم المبيعات الإلكترونية ومقارنتها بالمباريات السابقة وإن رأت أن الوضع قد لا يكون كما يجب وكما جرت العادة في البطولات الماضية تبادر عاجلا في إبلاغ المسؤولين لاتخاذ قرار "المجانية" منذ وقت مبكر يسمح للجمهور بالتوجه لإستاد الملك فهد الدولي في ظل الزحمة التي تعيشها الرياض.

إن الجمهور هو ملح وسكر كرة القدم وهو الأساس في انتشارها وتطورها والحرص على حضوره وتذليل الصعاب من أجله يعد أمرا في غاية الأهمية، وعندما يتعلق الأمر بالمنتخب الوطني فإن ذلك يصبح هما مجتمعيا يجب بذل الجهود الكبيرة للمحافظة على حضوره ودعمه لمسيرة الأخضر سواء في هذه البطولة أو غيرها.

أعتقد أن اللجنة المنظمة لدورة الخليج أصابها شيء من "الحسرة " في عدم إقامة البطولة في الجوهرة المشعة إستاد الملك عبدالله بمحافظة جدة تلك التحفة الرياضية التي كانت ستضيف الكثير لجمالية الدورة، وستكون لحظات تاريخية لا تنسى كما هي اللحظات التاريخية التي لا يمكن نسيانها في افتتاح دورة الخليج التاسعة عام 1988م التي واكبت افتتاح الدرة في الرياض.