بدأ الأمير مشاري بن سعود أولى خطواته منذ وطأت قدماه منطقة الباحة، في السعي لجذب الاستثمارات للمنطقة، الأمر الذي كان يتطلب سرعة استكمال البنى التحتية الأساسية، ومن هنا انطلقت أولى حلقات العمل المتواصل التي جعلت من الباحة خلية عمل لا تتوقف، فقد تم وبتوجيه مباشر من سموه تفعيل الدور الأساسي لمجلس المنطقة في الرفع بالاحتياجات وفق أولويات تراعي مصلحة المنطقة وأبنائها، مع تكليف مدير كل جهاز حكومي بمتابعة مشروعات إدارته لسرعة اعتمادها، وكذا متابعة المشروعات الجاري تنفيذها من خلال وضع جداول زمنية تحدد مدة إنجاز كل مشروع على حدة حتى تتم المحاسبة بشكل دقيق.
وصاحب تلك التوجيهات تفعيل دور المجالس المحلية والبلدية بالمحافظات وتشكيل عدد من اللجان المنبثقة عن مجلس المنطقة لمتابعة مختلف الجوانب، من بينها لجنة التنسيق والمتابعة، والتنمية الاجتماعية والأسرية، والخدمات والمرافق العامة، والتعليم والثقافة والشباب، والتنمية الإدارية والقوى العاملة، والخدمات الصحية والبيئية، والتنمية الاقتصادية والسياحية، والتنمية الزراعية وتطوير الغابات.
ليس هذا فحسب بل كان سموه خلال ترؤسه لكل جلسة يحث المسؤولين على العمل ويذكرهم بالأمانة الملقاة على عواتقهم وبالأعمال المناطة بهم، ومن بين أحاديث سموه خلال الجلسات والتي أكد فيها أن مسؤولية المشروعات أصبحت على عاتق الجهات والقطاعات الحكومية المختلفة، كون المواطن ينتظر ويتطلع بشغف لرؤية تفاصيل هذه الميزانيات التي تمثل عماد التطور والنهضة والتغيير للأفضل، من خلال تنفيذها وجعلها واقعاً ملموساً يحقق احتياجاته، فجميع المشروعات المعتمدة بحاجة للإسراع في ترسيتها وتسليمها للشركات المنفذة والقيام بمتابعة جادة من مديري الإدارات الحكومية مع الشركات المنفذة حتى يتم تسليمها في أوقاتها المحددة. وبرغم كل تلك الجهود إلا أن سمو الأمير مشاري رأى أن اعتماد المشروعات وسرعة تنفيذها يتطلب كثيرا من العمل مما جعل سموه يقوم بزيارات شخصية لأصحاب السمو والمعالي الوزراء في مكاتبهم لمتابعة ومناقشة كل ما يخص المنطقة، كما عمد على دعوة الوزراء وكبار المسؤولين لحضور جلسات مجلس المنطقة حتى يتم عرض احتياجات المنطقة عليهم بكل شفافية ووضوح، وهو الأمر الذي أثمر في تحقيق كثير من المكتسبات للمنطقة.
وطالب الأمير مشاري خلال منتدى الاستثمار، المستثمرين ورجال الأعمال في فعاليات المنتدى بضخ أموالهم في المنطقة والاستفادة من المميزات التي تمنحها الدولة لهم، معلناً عن افتتاح مكتب خدمات المستثمرين الذي جاء حرصاً من سموه على تذليل كافة الصعوبات التي تعترض رجال الأعمال والمستثمرين للاستثمار بالمنطقة، حيث يتولى المكتب التنسيق والمتابعة بين رجال الأعمال والجهات ذات الاختصاص وإدارة شؤونهم وتذليل كافة العقبات التي تعترض تنفيذ مشاريعهم الاستثمارية، مع تقديم العون والتسهيلات اللازمة.
لم يتوقف فكر الأمير مشاري عند هذه الخطوات فحسب بل وجد أنه لا يمكن للمنطقة أن ترتقي دون تطوير المرافق السياحية التي يعول عليها جذب الزوار والمستثمرين للمنطقة، ومن هنا وجه سموه بإنشاء قرية تراثية للمنطقة تمثل مركزاً تراثياً وسياحياً جاذباً يخدم المنطقة ويعزز مقوماتها وهويتها كوجهة سياحية يؤمها ملايين المصطافين سنوياً.
وبدأت القرية التي تقع على مساحة تزيد على 100 ألف متر مربع شمال مدينة الباحة، ترى النور بعد أن أوكل سموه لأمانة المنطقة البدء في أعمال التسوية للموقع التي تبعها اعتماد ميزانيات متتالية لإنشائها وصلت لقرابة الـ40 مليون ريال.
وصاحب إنشاء القرية تطوير عدد من المتنزهات والغابات والقرى التراثية بالمنطقة، وسط تفعيلها بعدد من البرامج السياحية التي يشرف عليها سموه سنوياً من خلال برنامج صيف الباحة، الذي أخذ في التطور بشكل موسع حتى أصبحت فعالياته تضاهي أبرز المهرجان على مستوى الوطن.
وسطر سمو الأمير مشاري بن سعود في السنوات الماضية عددا من المواقف الإنسانية التي زادت من حب أهالي المنطقة لشخصه الكريم، فدائماً ما يفاجئ الأسر المنتجة التي تقتات معيشتها من صنع يدها بشراء كامل ما أنتجته وتوزيعه على المحتاجين وكأنه يكافئها على اعتمادها على نفسها. كما كان للأمير مشاري كثير من الأيادي البيضاء في دعم الجمعيات الخيرية التي عادة ما يحرص سموه على متابعة أوضاعها من خلال لقائه بمسؤوليها ومن خلال دعمه السخي لمشروعاتها.
ومما يخلد للأمير الإنسان موقفه مع ذلك الشاب الذي زاره في المستشفى وهو فاقد للوعي، حيث أخذ سموه يقبل رأس الشاب ويدعو له، وأوصى ذويه أن يبلغوه بحالته أولاً بأول حتى يتمكن من رؤيته بعد إفاقته، وهو ما تحقق عندما تماثل الشاب للشفاء وزار سموه في مكتبه، فما كان من الأمير إلا أن احتضن الشاب بحرارة أبوية جسدت إنسانية ومحبة سموه لأبنائه وإخوانه أبناء منطقة الباحة.