بالتأكيد، نضع آمالا كبيرة في الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة" لتسوية أي مظاهر خلل في الأداء الإداري والتنفيذي بأجهزة ومؤسسات الدولة، ولكن السؤال: هل تحقق لنا شيء مهم وكبير بحجم تلك الآمال والتطلعات والطموحات؟

ذلك سؤال مفتوح وسيظل كذلك إلى أن نرى أداء يتمتع بمستوى قياسي من النزاهة والشفافية، وحراكا يواكب أي خلل إداري وتنفيذي.

وإلى ذلك الوقت نتوقف عند متابعة عابرة على شاكلة "تيك أوي" لما تفكر فيه الهيئة وما تعمله، تجعلنا بشكل انطباعي ونسبي بعيدين عن الوصول إلى ممارسة رقابية فاعلة تضبط العمل، فالهيئة لا تبدو لديها استراتيجية للتعامل مع ما تكتشفه من أوجه الفساد، وإنما ترصد وتتابع كأي مواطن ثم تقدم إحصاءات وأرقام وحالات اشتباه، أو في أفضل الأحوال توصيف لشكل الفساد الذي اصطادته عبر أجهزتها.

الهيئة رصدت أخيرا قائمة بأنواع الفساد الإداري للعاملين في الوزارات والجهات الحكومية، إذ أدرجت "ثرثرة" الموظفين أثناء العمل واستخدام سيارات العمل لقضاء الحوائج الشخصية وتأسيس المكاتب الفاخرة وإقامة الحفلات الدعائية ونشر التهاني والتعازي لتلميع المسؤولين عبر وسائل الإعلام من الفساد الإداري، وللحقيقة أذكر أن الهيئة توعدت بتنفيذ العقوبات ضد كل من يثبت تورطه في هذا النوع من الفساد، مشددة أنها سترصد تلك التجاوزات عبر جولاتها على القطاعات الحكومية كافة.

أعتقد أنني من خلال ذلك أستخلص بسهولة شديدة جدا أن الهيئة نفسها تثرثر، لأنها انصرفت عن الأهم لما هو غير مهم، ويحتاج إلى وقت طويل لتغييره في سلوكيات الموظفين، فنحن نبحث عن دور واقعي وفاعل يستوعب مفهوم الفساد الإداري، الذي يركز على الاختلاسات المالية والتزوير والرشوة، ولا يعني الهيئة توصيفات إنشائية مثل وصف أي موظف لا ينفذ أوامر الرؤساء وتعليماتهم النظامية ويختلق الأعذار الباطلة بأنه مفسد إداريا، وبالتالي نسأل.. هل نتوقع أن ترابط الهيئة عند مدخل المؤسسات وتزرع عناصرها في بيئات العمل وتترك الرشوة والاختلاسات والتزوير؟!