حتى اليوم لا أحد يعرف ما هي الوظيفة التي تؤديها هيئة مكافحة الفساد "نزاهه" في المجتمع، وهل دورها تثقيفي توعوي أم مجرد رقابة وضبط. نحن نقول ذلك لأن كلا الدورين غائبين ولأننا فعلا نعول على "نزاهة" الكثير والكثير لإنقاذ البلد من الفساد والفاسدين، وفي مجرد إنشائها اعتراف صريح من الدولة بأن الفساد وصل لمرحلة يتوجب التدخل لاجتثاثه.

على المستوى الرقابي لم تحدث "نزاهة" حتى اليوم أي ضربة موجعة لأي جهة أو شخص بما يحقق وجودها ويفرض هيبتها ويرتدع معها من تسول له نفسه الفساد، أسوة بما تفعله وزارة الداخلية، فأكل أموال الدولة والتعدي على حقوق المواطنين والمال العام بالسلطة والعلاقات هو عمل إجرامي يستوجب العقوبات الصارمة.

وبالنسبة للتوعية ما زالت "نزاهة" تتعامل مع هذا الجانب بالكثير من الأريحية، فلا حملات قوية وموجهة ولا برامج هادفة ولا مشاركات مجتمعية، وحين أرادت أن تحضر إعلاميا، أخذت تتحدث في العموميات وبعد جهد جهيد حذرت من قراءة الصحف والثرثرة في مواقع العمل واستخدام سيارات الدولة لأغراض خاصة وقالت إن هذا يعد أحد أنواع الفساد الذي يحاسب عليه الموظف.

الحقيقة المؤلمة في كل هذا أن المواطن فقد الثقة في "نزاهة" ولم تعد تعنيه تحذيراتها، فقد وضع في مخيلته أن هذه الهيئة ليست قادرة على الوصول إلى الفساد الكبير الذي أنشئت من أجله، فحولت أنظارها إلى الموظفين الصغار لمجرد التذكير بأنها موجودة، وإذا اعتبرنا أن هيئتنا الكريمة جادة في ملاحقة المتورطين في مثل هذه القضايا على اعتبار أنها الشريحة الأعلى نتمنى أن يكون ذلك قولا وفعلا، لا مجرد "ثرثرة" كما حدث من الفاسدين الهوامير.