أعلم أن كثيرين يحفظون قصة نجاح مؤسس شركة "آبل" الراحل "ستيف جوبز" عن ظهر قلب، وأدرك أيضا أن آخرين ومن فرط إعجابهم بسيرته الذاتية أضافوا لها من الإنجازات الخارقة ما لو سمعه اليوم من مرقده لضحك ملياً ثم استلقى على جانبه الآخر! دعوكم من كل ما سبق، الرواية الأكثر جمالا -إن صدقت- في قصة مؤسس "آبل" هي يوم استقالته من منصبه!

تقول الرواية إن الرجل اعتلى المنبر ثم خطب بالحشد الحاضر: "كنت أقول دوما، حين يأتي اليوم الذي لا أستطيع فيه القيام بواجبي وما هو منتظر مني، بوصفي مديرا لـ"آبل"، سأكون أول من يعلن ذلك، للأسف هذا اليوم قد حان وها أنذا اليوم أقدم استقالتي"! هكذا ببساطة استقال "جوبز" من منصبه بناء على طلبه، معللا ذلك بتوقف سيل الابتكار ودفق الإلهام الذي كان يحتاج إليه، بالإضافة إلى رغبته في إتاحة الفرصة لعقلية أخرى لقيادة زمام الابتكار والإبداع في الشركة!

وحتى قبل كتابة هذا المقال كنت أبحث عن نسخة عربية استقالت من منصبها بذات طريقة "جوبز"، والحقيقة أنني وجدت واحدة فعلا في أحد البلدان العربية لمسؤول رفيع المستوى قرر في لحظة غير مفهومة أن يقدم استقالته بعدما استنفد كل خطط الفساد، خبر الاستقالة هذا وجد ارتياحا كبيرا في أوساط المواطنين، وهو الارتياح الذي لم يدم طويلا بعدما رفضت الحكومة قرار الاستقالة! هذه الحادثة دفعت أحد الساخرين للقول: هذا المسؤول يستحق الشكر والتقدير فهو على الأقل أفرح عموم المواطنين لساعات، وهو الأمر الذي لم يفعله مسؤول قبله!

في أسكتلندا استقال رئيس وزرائها "أليكس سالموند"، بعدما وعد عبر استفتاء، بتحقيق "استقلال" أسكتلندا عن المملكة المتحدة! في فرنسا يقدم المدير العام لوزارة الصحة "لوسيان أوبنهايم" استقالته من منصبه بسبب الاتهامات العديدة التي وجهت للوزارة! وفي مكان ما من العالم يصبح "عزرائيل" هو الحل الوحيد لانتزاع مسؤول عن كرسي منصبه بعدما ظل متمسكا به لسنوات عدة ودون إنجازات تذكر!