أستطيع أن أتخيل تفاصيل سيناريو تلك الليلة التي انتهت بأن يرسم ذلك الفنان السعودي لوحة فنية على أحد جدران حجرته في فندق كولومبوس بولاية أوهايو الأميركية عشيّة (الهيلوين)، ليقضي بعدها ليلة في السجن بتهمة التخريب، وفق ما أوردته هذه الصحيفة، ولو كنت من ملاك الفندق لأمرت بطرد المدير الذي استدعى الشرطي لهذا الفنان، إلا إذا كانت اللوحة قبيحة، وتم استدعاء الشرطة بتهمة (نشر البشاعة)!
كل القوانين (غير المكتوبة) في العالم تجيز للفنانين ما لا تجيز لغيرهم، حتى عامة الناس -بفطرتهم السليمة- يعاملونهم كالكائنات الفضائية! ولولا ذلك لقتل أبو نواس في مهده، ولعاش المتنبي في بيمارستان حلب للعلاج من أمراض كثيرة أقلها (جنون العظمة)، ولشنق بيكاسو على خشبة (مكعبة) الشكل! وما نجا إلا مسيلمات الفن وسجاحاته. ويحكم أيسجن رجل لأنه سكب بعض نفسه على جداركم؟! استصرخته صور وهواجس سكنت هذا الجدار فأخرجها من محبسها الأزلي! ألأنه وجد في حائطكم سمعا مرهفا -لا تملكونه- لبعض نغم اختلج في صدره فغناه! أما كان الأحرى بكم أن تستدعوا ناقدا لقراءة النّص، وتقييمه، وتعويضه عن عدم أخذ الجدار معه، وقد أصبح له فيه أكثر مما لكم؟ أما عن فنادقنا التي تحتفل بالقبح، رغم ديكوراتها الفارهة، ورخامها الصقيل فأقول: ادعوا حفنة من هؤلاء الفنانين ليصبغوا لكم بعض الجمال بدلا عن لوحاتكم المزرية المنسوخة الباعثة على غض الطرف، فمن المعيب أن لا يجد الفنانون والفنانات في ميزانياتكم الرخامية (بندا) لإضفاء روح إنسانية على مرفق يفترض أن يكون إنسانيا.