تتورط السينما بالدعاية لتنتقص منها مهما كان حجم الإنفاق والميزانيات، قص فيلم "المدمرة بوتمكين" الذي أنتج سوفيتيا عام 1926 شريط الأعمال الدعائية للأنظمة السياسية، كانت السينما -وستبقى- وسيلة مهمة في التأثير استخدمت بشكل قاس لتصفية الخصوم.
عربيا كان النموذج الأقسى لبشاعة نقد الخصوم وأحيانا "تمسيخهم" ما فعلته السينما المصرية في الملك فاروق في مرحلة ما بعد يوليو 1952، حيث قدمته في الأعم بصيغة كاريكاتيرية غريزية النزعة وردات فعل طفولية، كما أن التاريخ لم ينج من اشتغالات الأيديولوجيا مع توظيفات سياسية لحظية مثل ما حدث في فيلم "وا إسلاماه" 1962 لشادي عبدالسلام و"الناصر صلاح الدين" 1963 ليوسف شاهين حيث تم استدراج الأحداث التي جرت في القرون الوسطى لإدخالها في قلب صراع سياسي عسكري منتصف القرن العشرين.
أعجبت اللعبة السياسيين، وهكذا قرر صدام حسين إنتاج فيلم عن حياته فكان "الأيام الطويلة"، الذي أخرجه توفيق صالح 1980، ثم ألحقه بفيلم "القادسية" لصلاح أبو سيف 1981، الذي جاء لتبرير حربه على إيران 1980، غير أن مصطفى العقاد كان أكثر ذكاء لتمرير أفكار القذافي حول حتمية وتاريخية الصراع وهو يصنع فيلم "أسد الصحراء" 1981.. رؤية العقاد وبشكل أقل من صلاح أبو سيف التفت على العناوين الرئيسية للأعمال المسبقة الدفع، -حينها – حاولت إضافة شيء ما لبلدان بالكاد تنهض اقتصاديا وحضاريا، لكنها تورطت في المضامين الدعائية ولمسات الترويج المبطنة، وهذا ما سيواجهه فيلم أنتج قريبا بشكل مكلف، وأعني بالتأكيد "الذهب الأسود" آخر الوافدين لهذه السلسلة.
حتى "هوليوود" بكل إمكاناتها تعجز عن إنتاج أعمال دعائية متقنة، أصلا لا توجد أعمال دعائية متقنة، لأن الدعائية فكرة ينتجها النقص فيما المطلوب ترويج الكمال، النقيض القائم على الخيال المحض وما بينهما يحار صناع الفن السابع بحثا عن تخريجات وفي الأغلب يتورطون، لأن المسألة برمتها قائمة على النقد والكشف، وما سلسلة أوليفر ستون عن رؤساء الولايات المتحدة إلا مثال حي لنا.