أتابع هذه الأيام في معظم القنوات الخليجية الرياضية إعادات للدورات السابقة لكأس الخليج وخاصة الدورات الأربع الأولى حيث النقل غير الملون للدورتين الأولى والثانية وكذلك ضعف الإمكانات الفنية والتقنية والتجهيزات البدائية لهذه الدورات.

الأمر الذي أدهشني وتوقفت عنده بشكل كبير بل وشعرت فيه بالأسى هو الإعلان التجاري في جنبات الملاعب وخاصة دورة الخليج الثانية بالرياض التي أقيمت عام 1972م أي قبل أن يولد 70% من سكان السعودية.

شركات عالمية كبرى مثل السيارات والأجهزة الإلكترونية والمشروبات الغازية تتنشر لوحاتها على جنبات الملعب الترابي وبالتأكيد أن مردوداتها المالية كبيرة جدا في حينها بل إنني متأكد أنها سددت فاتورة الدورة وقد يكون فاض منها ما يمكن الاستفادة منه في أماكن أخرى.

اليوم، للأسف الإعلان التجاري الرياضي السعودي ينتشر بين شركات ومؤسسات محلية مثل أنواع البيتزا والدخون والآيس كريم ومطاعم المشويات وبعض الأحذية، وعلى استحياء وخجل بعض البنوك المحلية، ونادر جدا ما أشاهد إعلانا تجاريا لشركة عالمية عملاقة كما يحدث في معظم بلاد العالم المتقدم في اللعبة إذا استثنينا الراعي الرسمي للدوري وهي شركة عبداللطيف جميل.

اليوم بعد 42 سنة، نجد أنفسنا عاجزين عن إيجاد إعلانات حقيقية لشركات كبرى رغم كثرة خبراء التسويق الذين أزعجونا في القنوات والصحف بالتنظير الممل عن التسويق الرياضي، ولم يفلحوا في إيجاد رعاة حقيقيين لكرة القدم السعودية سواء في الأندية أو المنتخبات أو الاتحاد أو البطولات الكبرى مثل كأس الملك وكأس ولي العهد.

هناك أسباب كثيرة لابتعاد كثير من الشركات العملاقة العالمية عن الإعلان التجاري في الرياضة السعودية، وأعتقد أن مثل هذا الأمر يحتاج فريق عمل متمكن من قبل اتحاد كرة القدم ومن الشخصيات الميدانية المتخصصة في التسويق الرياضي وليس من الشخصيات التي اعتادت التنظير والسواليف، لأننا نريد أن نبحث الأسباب وآلية علاج هذا القصور الخطير في نوعية الإعلان بل وتراجعه عما كان عليه قبل نصف قرن تقريبا.

إن شركة عملاقة مثل شركة (صلة) الرياضية المتخصصة في التسويق الرياضي يقع على عاتقها بناء جيل من الشباب السعودي المتخصص في هذا المجال، ويقع عليها أيضا مساندة اتحاد كرة القدم في بناء أساسيات التسويق الرياضي الحقيقي من أرض الميدان وليس في المكاتب وفنادق الخمس نجوم وصالات التنظير والفشل.

إنني على يقين أن أصحاب القرار في هذه الشركة لم ولن يبخلوا على أبناء الوطن وعلى الرياضة السعودية بخبرتهم وحضورهم الناجح في الإعلان الرياضي، ولا أكشف سرا إن قلت إن شركة صلة كانت سببا رئيسا في قيام رابطة دوري المحترفين حيث دعمتها منذ البداية بالمال والخبرات.

الإعلان التجاري والنقل التلفزيوني هما عصب نجاح كرة القدم في العالم وإذا استمر الإعلان الرياضي المحلي على شركات محلية سوف يظل إعلانا أعرج وهزيلا مهما بلغت مردوداته لأن التعامل مع الشركات العالمية في الإعلان مختلف وقوة الدفع مختلفة والأفكار التسويقية مختلفة.