كثيرا ما يصادف اللاعبون عوامل خارجية تؤثر في مستواهم بشكل ملحوظ، بل وتدفع معظمهم للتفكير في تغيير ألوان فرقهم بحثا عن موقع آخر ربما يجدون فيه أجواء أكثر مثالية لاكتشاف أنفسهم من جديد.

محليا، برزت أسماء شابة وتألقت ولكن سرعان ما خفت بريقها وتراجع مستوى أصحابها بشكل كبير حتى باتت أنديتهم تبحث عن مخرج للاستغناء عنهم، وظن محبوهم أنهم لن يعودوا أبدا، بيد أن قلة منهم تجاوزوا مشاكلهم، وأعادوا اكتشاف أنفسهم خارج أسوار ناديهم الأم.

وتسرد "الوطن" في تقرير خاص في أربعة أجزاء تفاصيل قصص هؤلاء "العائدين" من خلال ألوان الفريق الشبابي الذي نجح في إعادة وهجهم من جديد، بداية بالمهاجم الهداف نايف هزازي الذي عانى مشاكل جسدية وعاطفية وإدارية مع فريقه السابق الاتحاد قادته في النهاية خارج أسوار النادي الذي قدمه للملاعب.

وظن المتابعون ومحبو اللاعب تحديدا، أن نجومية أفضل "ضارب رأس" في الكرة السعودية تلاشت ولن يصبح بمقدوره تشكيل أي إضافة، إلا أن "الصقر" عاد للتحليق، مستخدما سلاح القدم ومبقيا على سلاحه الأبرز الرأس لما هو قادم.

ضربة موجعة

بدأ هزازي في شباب الاتحاد وخاض مبارته الأولى مع الفريق الأول عام 2006 قبل أن تضعه رأسياته الضاربة وتميزه في الكرات الهوائية كنجم أول في الهجوم الاتحادي عام 2008، وبعد فترة بسيطة جدا من تألقه تعرض إلى إصابة هددت مستقبله كما فعلت مع لاعبين كثر (قطع في الرباط الصليبي) إبان مشاركته مع المنتخب السعودي في مواجهة ودية ضد ماليزيا ليبتعد ستة أشهر، عاد بعدها مع الاتحاد بصورة مختلفة عن تلك التي عرفته بها الجماهير ليبدأ مرحلة تراجع فني مخيف.

ذهن مشتت

خلال تلك الفترة تناقلت الجماهير نبأ خطوبة هزازي من الفنانة اليمنية بلقيس أحمد فتحي، ولم يتمكن الثنائي من إخفاء الأمر كثيراً، إذ أعلن اللاعب رسميا صحة الخبر، ليبدأ فصل آخر في خطوات التراجع، حيث بدا مشتت الذهن بسبب رحلاته المستمرة ما بين جدة ودبي والقاهرة، حيث يعيش والد خطيبته للترتيب لزواجهما، وصاحبت تلك الظروف مشكلة أخرى تمثلت في تركه وسائل الإعلام والجماهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي لإطلاق الشائعات حول استمراره مع الاتحاد وقرب انتقاله إلى أهلي دبي ليعيش بجوار خطيبته التي تتخذ من دبي مقرا لها، وأيضاً إلى العين الإماراتي بديلا لياسر القحطاني.

وجاءت الانتكاسة الثانية في ذات الموسم وبعد خمسة أشهر فقط من إعلان خطوبته، حيث أعلن الانفصال عن خطيبته بسبب ظروف عائلية، ليواصل تراجعه بخروجه من الموسم كاملا برصيد هدف واحد فقط، وهنا ظن الجميع أنه انتهى كمهاجم كان ينتظر منه الكثير وبات يتواجد باسمه فقط.

رحيل مفاجئ

لم تكن الأشياء التي تسببت في تراجع هزازي مقتصرة فقط على الإصابة والمشاكل العاطفية، بل توسعت إلى خلافات مع إدارة ناديه الاتحاد في ذلك الوقت برئاسة المحامي عادل جمجوم، لم تنته إلا بإعلان انفصاله عن الاتحاد في انتقالات صيف موسم 2013-2014 وتحوله إلى الشباب في صفقة اعتبرت قيمتها أقل مما يستحقه لاعب بحجمه، وتوقع أكثر المهتمين بالشأن الرياضي أن ابتعاده عن مدينة جدة وجماهير الاتحاد لن يساعده على استرداد تألقه، بجانب المشاكل التي يعاني منها فنيا وبدنيا، بيد أن اللاعب خالف كل التوقعات، وبدأ بقوة وعاد للانقضاض على شباك الخصوم حتى إنه نجح هزازي في استهلال موسمه الأول بتسجيل 8 أهداف، مانحا الفوز لفريقه في أكثر من مباراة.

توقف جديد

ولم تسر الأقدار بما يشتهي نايف ومحبيه، وتوقفت نجوميته من جديد في لقاء فريقه بالأهلي في الجولة الثامنة من دوري عبداللطيف جميل للمحترفين، فبعد أن سجل هدف الفوز الوحيد لفريقه، اشترك مدافع الأهلي محمد أمان معه في كرة ليسقط متألما وهو يردد بصوت واضح عبارة (رباط.. رباط)، وتركت الجماهير المباراة وتفرغت للسؤال عبر هواتفها المحمولة عن وضعه بأمل سماع ما يطمئنها قبل أن تأتي الأنباء من داخل البيت الشبابي بشأن اشتباه بقطع في رباط اللاعب، وتأكدت تلك الحقيقة في ساعة متأخرة عبر صور أظهرته على كرسي متحرك وابتعاده عن الملاعب ستة أشهر.

واعتقد الجميع أن حالة هزازي النفسية ستؤثر عليه سلباً، وتداولت الجماهير شائعات عن نيته الاعتزال، بيد أن "الصقر" أظهر عزيمة وإصرارا على العودة سريعا، وأجرى العملية مباشرة لدى البروفيسور سالم الزهراني، واختتم مراحل التأهيل في "مارسيليا" الفرنسية وتواجد مع البدلاء في نهائي كأس الملك.

عودة مختلفة

استهل هزازي موسمه الحالي بحضور لافت، إذ شارك في 4 مباريات في 3 بطولات نجح في التسجيل خلالها، بداية بنهائي السوبر السعودي أمام النصر عندما أعاد فريقه إلى المباراة مسجلا هدف التعادل، ثم في كأس ولي العهد عندما شارك كبديل أمام الرياض وعزز تقدم فريقه بهدف ثان، ثم افتتح أهدافه في دوري عبداللطيف جميل للمحترفين بهدفين أمام الخليج، ثم ألحقهما بهدفين أمام الفتح، ثم سجل هدفا خامسا بالرأس هذه المرة أمام هجر متصدرا الهدافين بخمسة أهداف، 4 منها بالقدم.

التزام ودعم

هذه العودة السريعة أرجعها المدرب الوطني والمحلل الرياضي حمود السلوة، إلى نجومية اللاعب الكبيرة وقدرته على تجاوز الظروف التي واجهته، ومنها الإصابة التي تعامل معها بالتزام وتأهيل منظم أسهم في عودته، مؤكدا أن العوامل التي ساعدت هزازي إخلاصه وحماسه بجانب دعم ومتابعة الإدارة الشبابية.وأرجع تميز هزازي بالتسجيل بقدمه بعكس ما اشتهر به، إلى أمور فنية تعتمد على أسلوب وطريقة اللعب للمدرب والتحرر من الرقابة المشددة من قبل المدافعين عليه، وهو المتميز بألعاب الهواء، مضيفا "أصبح نايف داخل منطقة الصراعات الفردية يخشى الكرات الهوائية التي تتطلب قوة قفز وارتقاء عال، لذا من الطبيعي أن تقل أهدافه الرأسية بسبب حذره وخشيته من أن تعاوده الإصابة"، مبديا ثقته في استعادته لخاصية التسجيل بالرأس مع الوقت والتزامه ببرنامج تقوية مكثف.