هب أنك شيعي يا سنيا، أي أنك ولدت وأبواك أحدهما أو كلاهما شيعيان. فتحت عينيك على هذه الدنيا وأنت تعيش بين الشيعة وتمارس طقوسهم، تحب ما يحبون وتكره ما يكرهون. هل سيكون من السهل عليك أن تتغير أو تغير حياتك لمجرد أنك سمعت أحدهم يقول عن مذهبك إنه غير صحيح وفيه ضلال؟ وهب أنك قرأت وتفحصت وعرفت شيئا لم تكن تعرفه من قبل، هل سيكون من اليسير عليك مواجهة والديك وأهلك ومشايخك ومجتمعك وإقناعهم بما اقتنعت أنت به، أم ستترك الموضوع لخالقك وهو من يدبر أمرك؟

المسألة اختصرها لنا سيد الخلق -صلى الله عليه وسلم- حين أخبر أن "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه"، وقياسا على هذا الحديث يمكن القول إنهم أيضا يشيعانه ويسننانه ويصوفانه ويدرزانه ويلبسانه ثوب الدين والمذهب الذي يلبسان دون تغيير أو نقص، وتبقى المسألة رهن الثابت الاجتماعي الذي يشكل هوية الناس ويضع تصنيفاتهم.

الشيعي ليس ذنبه أنه ولد شيعيا، ولا يمنعه ذلك من الحصول على حقه في العيش بين الأكثرية السنية، وطالما أنه يعيش على هذا الأرض فله حقوق المواطنة وليس من حق أي شخص استنقاصه أو النيل منه، ولأننا أصبحنا نعاني من أزمة الحس الطائفي، أكرر مطلبي للمرة الألف بوضع قانون يجرم الطائفية ويضع عقوبات مغلظة بحق كل من يعتدي على حرية الاعتقاد التي كفلها الإسلام أولا، ثم تكفلها الإنسانية والعالم المتحضر، وفي نفس الوقت يسري هذا القانون على كل من ينال من الرموز والشخصيات الاعتبارية، سواء كانوا سنة أو شيعة.

ما حدث في الأحساء هو نتيجة طبيعية للحقن الطائفي الذي ظل يتنامى منذ سنوات، وسط صمت مطبق من مؤسساتنا الرسمية، وحان الوقت الآن لوضع حد لهذا الفرز الطائفي والعنصري ووضع جميع المواطنين على قدم المساواة، فليس ذنب الشيعي أنه ولد شيعيا ولكنه ذنب الثقافة التي تمنح بعض أفرادها من الفئة الكثيرة فرصة للنيل من الفئة القليلة.