يشهد حال المبتعثين خلال المرحلة الحالية أحداثا غريبة ومتناقضة ربما تدفعنا إلى التفكير بصورة مغايرة حول سلامتهم، وفهمهم لنمط الحياة في الدول الأخرى التي تختلف ثقافاتها وطرق تفكيرها، وتملي علينا وعيا ويقظة في التعاطي الاجتماعي، فما يرشح من أخبار سلبية يؤكد عدم اكتمال فكرة الاندماج المثالية مع مجتمعات أخرى، ولذلك يحدث نوع من الفراغ الذهني في طريقة تعاطينا مع غيرنا.

في بريطانيا تعرض مبتعث سعودي وأسرته لهجوم مسلح من قبل مجهولين في مدينة برمنجهام، أسفر عن دخول زوجته في غيبوبة استمرت لساعة، ونقلت طفلته إلى المستشفى لتأثرها بالأتربة التي غطتها أثناء الحادثة، وذلك ليس مجرد خبر عادي أو جناية، وإنما أمر نتوقف عنده كثيرا عطفا على حالات سابقة مماثلة.

وتعرض المبتعثين لمثل تلك الجرائم التي تبدأ بجنحة وتنتهي بجناية يجعلنا نتجه إلى مدى البساطة في العيش في دول الغرب وكأننا في بلادنا، لا بد أن تكون هناك متغيرات لا يعمل لها مبتعثونا حسابا أو يتجاهلونها فيقعون في فخ المفارقات الثقافية والفكرية ويتحولون إلى ضحايا لاعتداءات إجرامية رغم تمتعهم بحماية أنظمة الدول التي يعيشون فيها.

على الطرف الآخر، يواجه مبتعث سعودي يدرس في جامعة أيوا الشمالية بأميركا الحكم عليه بعقوبة السجن لمدة قد تصل إلى 25 عاما، بعد اتهامه باقتحام منزل امرأة ومهاجمتها بغرض الاعتداء الجنسي عليها، وهنا فإن هذا المبتعث جان وضحية في نفس الوقت، ولم يفعل ما فعله إلا بسبب الفجوة الثقافية التي دخل منها إلى متاهات الجهل بأنظمة غيره.

برنامج الابتعاث أحد أكثر برامجنا الاستراتيجية التي تمنحنا مخرجات علمية متطورة ومتميزة، وكل مبتعث هو مشروع وطن ومجتمع، وذلك مبدأ ينبغي أن يرسخ في عقل كل واحد منهم، لأنه أول طريق السلامة في مجتمعات أخرى تختلف كثيرا عن مجتمعنا وقيمنا، ودون ذلك فإن المبتعثين يعرضون أمنهم الشخصي لمخاطر لن تتوقف، مثلما نرى ونسمع.