الصالة أنيقة.. والهدوء يلف المكان، كنت في الصف الثالث من المقاعد، التفت نحوي رئيس التحرير الضخم قينان الغامدي - وقد كان في الصف الأول - أشّر لي بيده، تقدمت نحوه وهمس في أذني "خذ الورقة هذي واسأل الأمير السؤال المكتوب فيها"!
كان سمو الأمير خالد الفيصل في المنصة، فتحت الورقة.. كان السؤال يتحدث حول مساحة الحرية التي ستنطلق الصحيفة في ظلالها.. مفردة كهذه عام 2000 مفردة حساسة!
وضعت السؤال القنبلة في جيبي، وطلبت "المايكروفون" وقد عزمت حينها على طرح سؤالين في سؤال واحد.. فعلت ذلك فالرجل الجالس على المنصة هو القائل "عزّاه والعمر مرة".. ضجت القاعة بالتصفيق.. كنت نجم الحفل ليلتها.. غادرنا القاعة.. كان الزملاء يسألونني "من أنت"، وكنت أسألهم عن أماكن سمعت عنها طويلاً كالسودة والفرعاء والحبلة والجرة والشقيق والحريضة.. قررت النوم مبكراً وزيارتها صباح اليوم التالي.. غير أنني فوجئت بأننا سنغادر إلى الدمام عند الصباح، فالاجتماعات لا بد أن تتواصل هناك، أزعجني الأمر جداً، ولم أنم!
مضت خمس سنوات، زرت أبها مرة أخرى، ولم أمكث سوى 24 ساعة.. مضت ثلاث سنوات أخرى.. ذهبت إلى أبها، جلست يومين كاملين، ذهبت كلها في اجتماعات الصحيفة ولم أتمكن من رؤية عسير التي يتحدث عنها الناس.. مضت سنتان.. زرتها وعدت في اليوم نفسه!
الليلة سأكون في عسير، لقد فزت بفضل الله بجائزة المفتاحة ضمن رواد العمل الوطني في المملكة وسيتم تكريمي بعد غدٍ، ويشاء الله أن يكون تكريمي في أبها التي لم أتمكن من رؤيتها بشكل جيد.. أبها التي أحبها وأمتلك فيها - بفضل الله - علاقات واسعة، ومحبين كثرا، وصداقات وثيقة مع الكثيرين وعلى رأسهم أخي الغالي سمو أمير المنطقة - الإنسان الحازم - الأمير فيصل بن خالد..
سأمكث في أبها 72 ساعة، سأحمل معي الكاميرا، وأتجول في المنطقة التي تتجاوز مساحتها وعدد سكانها دولتين خليجيتين معا، وقطعت على نفسي عهداً ألا أغادرها إلا وقد تجولت فيها من الطرف للطرف، ونقلت لكم كل مشاهداتي فيها.. غداً أكتب لكم من أبها.. إلى اللقاء..