جددت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التأكيد على مواقفها الثابتة بنبذ الإرهاب والتطرف، بكافة أشكاله وصوره، ومهما كانت دوافعه ومبرراته وأيا كان مصدره، مشددة على وقوفها ضد التهديدات الإرهابية التي تواجه المنطقة والعالم، ضماناً للأمن والاستقرار والسلام. كما أكدت على التزامها بمحاربة الفكر الذي تقوم عليه الجماعات الإرهابية وتتغذى منه، باعتبار أن الإسلام بريء منه، مطالبة بتكثيف الجهود للتعاون الإقليمي والدولي من أجل مكافحة الأعمال الإرهابية، وتقديم مرتكبي هذه الأعمال إلى العدالة والمساءلة.

جاء ذلك في البيان الختامي لاجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون في دورته الـ(132) الذي عقد بقصر المؤتمرات بجدة أمس، برئاسة النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الخارجيَّة بدولة الكويت رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري الشيخ خالد الحمد الجابر الصباح، وحضور الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربيَّة الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني.

وتناول الاجتماع الوزاري لدول المجلس تطورات عدد من القضايا السياسية إقليمياً ودوليا، مثمنا دعم المملكة لمركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب بمبلغ 100 مليون دولار أميركي إضافة إلى دعمها السابق بمبلغ 10 ملايين دولار أميركي لقيام المركز بالعمل المطلوب منه، وحث المجلس الوزاري الدول الأخرى على الحذو حذو المملكة العربية السعودية تجاه المركز لمكافحة الإرهاب عالمياً وعلى جميع الأصعدة.

ورحب المجلس الوزاري بقرار مجلس الأمن الدولي 2170 بتاريخ 15 أغسطس 2014 تحت الفصل السابع، الذي يدين انتشار الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان من قبل المجموعات الإرهابية في العراق وسورية، وبالخصوص تنظيم "داعش" وجبهة النصرة، ويفرض عقوبات على الأفراد المرتبطين بهذه المجموعات.


سورية والعراق

وفي الشأن السوري، شدد المجلس الوزاري على مواقف دول المجلس الثابتة للحفاظ على سيادة سورية واستقلالها ووحدة ترابها الوطني، مجدداً التأكيد على تنفيذ اتفاق جنيف1 (يونيو 2012) الهادف إلى تحقيق الانتقال السلمي للسلطة في سورية، وعبر المجلس الوزاري عن تمنياته بنجاح مهمة المبعوث الأممي الجديد للأزمة السورية، السيد دي ميستورا.

وعبر المجلس الوزاري عن ألمه الشديد من استمرار نظام الأسد في عمليات القتل والتدمير، ولتدهور الأوضاع الإنسانية في سورية، ورحب بقرار مجلس الأمن رقم 2165 بتاريخ 14 / 7 / 2014 بشأن المساعدات الإنسانية، مطالباً بإزالة جميع العوائق أمام إيصال المساعدات الإنسانية لكل المدنيين المتضررين، كما رحب بنتائج اجتماع وزراء الخارجية للدول العربية الأعضاء في مجموعة الاتصال الدولية، المعنية بالأزمة السورية، الذي عقد في مدينة جدة بتاريخ 24 / 8 / 2014.

وحول تطورات الأوضاع في الساحة العراقية، أعرب المجلس الوزاري مجدداً عن تهنئته للقيادة العراقية، آملاً أن يسهم تشكيل الحكومة العراقية الجديدة في تعزيز الوحدة الوطنية، ومشاركة جميع أطياف المجتمع العراقي في العملية السياسية والأمنية والتنموية، مما يساهم في تحقيق أمن العراق واستقراره وسيادته، واستعادته لمكانته الطبيعية في عالمه العربي.

وأكد المجلس الوزاري مجدداً دعمه لقرار مجلس الأمن رقم 2107/2013، الذي قرر بالإجماع إحالة ملف الأسرى والمفقودين وإعادة الممتلكات الكويتية إلى بعثة الأمم المتحدة UNAMI لمتابعة هذا الملف، آملاً مواصلة الحكومة العراقية جهودها وتعاونها مع دولة الكويت والمجتمع الدولي في هذا الشأن.


العلاقات مع إيران

وجدد المجلس الوزاري التأكيد على مواقفه الثابتة الرافضة لاستمرار احتلال جمهورية إيران الإسلامية للجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى التابعة للإمارات العربية المتحدة، والتي شددت عليها كافة البيـانات السابقة.

وأكد المجلس الوزاري في هذا الخصوص على دعم حق السيادة للإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وعلى المياه الإقليمية والإقليم الجوي والجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة للجزر الثلاث باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من الإمارات العربية المتحدة.

واعتبر المجلس أن أية قرارات أو ممارسات أو أعمال تقوم بها إيران على الجزر الثلاث باطلة وملغاة، ولا تغير شيئاً من الحقائق التاريخية والقانونية التي تجمع على حق سيادة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث.

كما دعا الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى الاستجابة لمساعي الإمارات العربية المتحدة لحل القضية عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.

وجدد المجلس الوزاري تأكيده على أهمية علاقات التعاون بين دول المجلس وإيران على أسس احترام سيادة دول المنطقة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المجلس، ومبادئ حسن الجوار، والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بها، معربا عن الأمل في أن يؤدي تمديد المفاوضات بين مجموعة دول (5 + 1) وإيران إلى 24 نوفمبر القادم لاتفاق شامل بين الطرفين، ينهي المخاوف والشكوك حول برنامج إيران النووي.

كما أكد المجلس الوزاري على أهمية جعل منطقة الخليج العربي، والشرق الأوسط، منطقة خالية من كافة أسلحة الدمار الشامل، بما فيها الأسلحة النووية.





الترحيب بوقف النار في غزة

وفيما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، رحب المجلس الوزاري بالاتفاق الذي تم بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة ، مثمناً الدور المحوري الذي تقوم به جمهورية مصر العربية، ومشيداً بالجهود المبذولة دولياً وإقليمياً في هذا الإطار، مطالباً بالالتزام الكامل ببنود الاتفاق، وداعياً إلى سرعة إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة. وأعرب المجلس الوزاري عن أمله أن يؤدي هذا الاتفاق إلى إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني الشقيق، وأن يلبي تطلعاته المشروعة، تعزيزاً للسلام والاستقرار في المنطقة. وحمل المجلس الوزاري إسرائيل مسؤولية جرائم الحرب البشعة ضد الشعب الفلسطيني الشقيق، والتدمير الهائل الذي لحق بالبنية الأساسية في قطاع غزة.

وفي الشأن الليبي عبر المجلس الوزاري عن قلقه من تدهور الأوضاع الأمنية والعسكرية في ليبيا، جراء الاشتباكات الحالية وما ينتج عنها من خسائر في الأرواح والممتلكات، وتأثيره على أمن ليبيا واستقرارها ومستقبلها، مؤكداً على ضرورة وقف العنف ودعم الشرعية في ليبيا، من خلال دعم المؤسسات الدستورية وعلى رأسها مجلس النواب المنتخب، الذي عبر عن إرادة الشعب الليبي من خلال انتخابات حرة ونزيهة، تمهيداً لتعزيز الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية في ليبيا.

العمل الخليجي المشترك

واستعرض المجلس الوزاري مستجدات العمل المشترك وتم الاطلاع على تقرير الأمانة العامة بشأن تقدم سير العمل في مشروع سكة حديد دول المـجلس.

كما اطلع على التقرير الذي أعدته الأمانة العامة بشأن ما قامت به في موضوع الربط المائي.

وهنأ المجلس الوزاري أمير دولة الكويت صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، بمناسبة تسمية دولة الكويت مركزاً إنسانياً عالمياً وتسمية سموه قائداً إنسانياً، والتي تأتي ترجمة لدور الكويت على الصعيد الإنساني والتنموي، كما رحب المجلس الوزاري بتعيين مرشح سلطنة عمان محمد بن صالح بن محمد الغيلاني، رئيس بعثة مجلس التعاون لدول الخليج العربية لدى الأمم المتحدة في فيينا، ومرشح المملكة الدكتور صالح بن عبدالعزيز القنيعير، ممثلا للأمين العام لمجلس التعاون إلى اليمن، متمنياً لهما التوفيق في مهامها.