قد لا تكون شبكات التواصل الاجتماعي هي ذلك المكان الذي يتمتع بالحرية ويُشكل منفذاً للناس من أجل التعبير عمّا يدور في نفوسهم في حياتهم العملية، بل إن بعض الأشخاص أقل رغبة في مناقشة قضاياهم المهمة على شبكات التواصل الاجتماعي مقارنة بما قد يفعلون في الحياة الفعلية، وذلك بحسب ما كشفت دراسة جديدة، أصدرها "مركز بيو للأبحاث".

وعلى عكس الاعتقاد الشائع بأن شبكات التواصل الاجتماعي تفتح الباب للمُستخدم للتعبير ضمن فضائها عما قد لا يرغب بالتعبير عنه خارج الإنترنت، وجدت الدراسة غير ذلك. وقالت: "إن صانعي شبكات التواصل الاجتماعي وداعميها، كانوا يأملون بأن تقوم المنصات الاجتماعية مثل "فيسبوك" و"تويتر"، بإنتاج أقنية نقاش مختلفة بشكل كافٍ قد يتيح لأصحاب الأقليات الفكرية من ذوي وجهات النظر المُختلفة عن غيرهم حرية أكبر في التعبير عن آرائهم، مما قد يُساهم في توسيع الخطاب العام ويضيف وجهات نظر جديدة". لكن تقول الدراسة: "بإن هذه الرغبة التفاؤلية هي ليست واقعية في الحقيقة"، وذهبت الدراسة كي تؤكد بأن وسائل التواصل الاجتماعي تُشجع المستخدمين في إبقاء آرائهم لأنفسهم.

وركزت "بيو" في دراستها على موضوع أثار جدلاً كبيراً في الفترة الماضية وهي قضية "إدوارد سنودن"، المُتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأميركية، الذي سرَّب وثائق تتعلق برقابة الحكومة الأميركية على الإنترنت، وذلك لأن هذا الموضوع قد أثار طيفاً واسعاً من الآراء في الولايات المتحدة حول ما إذا كانت أفعاله مُبررة وفيما إذا كانت سياسات الحكومة نفسها جيدة أم سيئة.

وبحسب الدراسة فقد قال 42% فقط من المستخدمين إنهم راغبون بمناقشة قضية برنامج الرقابة على الشبكات الاجتماعية، فيما ذكرت نسبة أكبر تبلغ 86% بأنهم يرغبون بإجراء النقاش بشكل شخصي حول الموضوع، بينما قال 14% إنهم ليسوا راغبين بنقاش الموضوع شخصياً، لكنهم كذلك لن يقوموا بنقاشه على الشبكات الاجتماعية. وذكر 0.3% فقط من غير الراغبين بنقاشه شخصياً أنهم قد يرغبون بنقاشه على شبكات التواصل الاجتماعي.

وتأكيداً على ذلك، وجدت الدراسة أن الناس وسواء كان الأمر يتعلق بالنقاش على الإنترنت أو خارجها، يُفضلون مشاركة آرائهم فقط إذا اعتقدوا بأن جمهورهم يوافق على هذه الآراء. وقالت إنه إذا اعتقد أحدهم بأن شبكة معارفه على "فيسبوك" تتفق مع رأيه، يتضاعف احتمال انضمامه إلى نقاش ما.

ولا تفشل شبكات التواصل الاجتماعي -بحسب الدراسة- فقط بالنسبة لكونها مكاناً لا يؤمِّن مزيداً من الحرية للمستخدمين، بل قد تؤثر كذلك على تغيير سلوكهم خارج الإنترنت جاعلة منهم أقل رغبة في الانخراط بالنقاشات المثيرة للجدل.

ووجدت الدراسة أن مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي كانوا أقل رغبة في مشاركة آرائهم وجهاً لوجه مقارنة بالآخرين، وبأن مستخدم "فيسبوك" النمطي كان أقل رغبة بنسبة النصف للنقاش حول الموضوع خارج الإنترنت، في حين كان مستخدمو "تويتر" أقل احتمالية بـ 0.24 مرة لعمل نفس الشيء.