عرضت وزارة الاقتصاد والتخطيط وثيقة سكانية على مجلس الشورى، تضمنت مقترح تنظيم الإنجاب بهدف احتواء النمو السكاني المتسارع، وقد قدمت لجنة الإسكان على إثر هذا الجدل موافقتها على الوثيقة، والإبقاء على سياسة تشجيع المباعدة بين الولادات، وحذف سياسة خفض الخصوبة.
استقبل الكثير من الناس هذا الخبر بانطباع سلبي في أول مرة يعلن فيها الحديث حول مسألة تنظيم الإنجاب، علما بأن وجهات النظر الدينية والثقافية بما فيها الفتوى شكلت العقل الاجتماعي على مفاهيم مختلفة، منها تحريم تحديد الإنجاب بوصفها مسألة خاصة وجانبا مختلفا، إلا أن تنظيم الإنجاب يختلف عن تحديده، إضافة إلى أن المجتمع لم توجه إليه توعيه كافية ومكثفة للتفريق بين الأمرين، أو التفكير بالمصلحة التي يمكن أن نحققها على مستوى الأسرة والمجتمع من خلال هذه المسألة، فأحدث ـ هنا ـ خلطا واضحا في المفاهيم.
كان من الجيد أن يأتي هذا الأمر على سبيل التوعية الصحية المجتمعية والإنسانية، ويفترض أن يكون هذا التوجيه مقدما عبر برامج مفترضة تعنى بها وزارة الصحة، ويُفعّل بها دورها بالتنسيق وتكاتف الجهود مع وزارة الشؤون الاجتماعية، في دعمها لبرامج التأهيل للزواج وغيرها، فهي معنية أيضا بذلك، غير أن مسألة تنظيم الإنجاب تعد من الأمور المهمة التي يجب الإلمام بها في بناء الأسرة، وهذا يعني شعور الزوجين بمسؤولية الإنجاب على نحو توفير الحياة المناسبة للطفل والاستعداد الكامل لوجوده وتربيته بالشكل الجيد ومراعاة صحة الأم وغير ذلك، فيجب أن يكون ضمن وعي اقتصادي واجتماعي، وقد كان من المفترض تقديم هذه التوصية من لجنة الإسكان لتتبناها الجهات المعنية.
لا شك أن لطرح هذا الموضوع أبعادا اقتصادية مختلفة عن الهدف الحقيقي حول مسألة تنظيم الإنجاب، فالخطأ الذي حدث، ليس في الموضوع المطروح، إنما في طريقة طرحه وإعلانه على المجتمع، والأمر حينما أعلن، لم يكن في قالب توعوي يسهل قبوله، إنما كان تعبيرا عن فشل خطط التنمية، وعجز وزارة الاقتصاد والتخطيط عن حل مشكلة السكن واستيعاب التزايد السكاني المستمر.