إن ما يحصل من أصحاب القلوب المريضة وتلك النفوس التي زاغت عن المنهج السّوي هو مخالفة للفطرة التي فطر الله الناس عليها، فزاغت عن الهدى إلى الضلال ومن الفُسحة إلى الضيق ومن الأمان إلى الخوف ومن الخير إلى الشرّ مع الأسف، وذلك بسلوك هذه الفئة طريق المتشابه الذي يحصل من أصحاب تلك الأهواء والقلوب التي جرّها الشيطان إلى سُبل الغواية. هذا الموضوع الذي أتناوله اليوم يأتي مشاركة للكشف عن الزيغ أو الران الذي غطى قلوب فئةٍ جالت بها الشياطين ذات اليمين وذات الشمال.
والمتتبع لأحوال أهل البدع وأرباب التطرف في الأقوال والأفعال وما هم فيه من عمى وضلال وخطر داهم؛ يعلم أن هذا الضلال جاء بلا شك نتيجة سلوكهم صراط المغضوب عليهم والضالين عن نهج الله الذي رسمه لنا ربنا تبارك وتعالى وأبلغه سيد البشرية: (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السُّبل فتفرق بكم عن سبيله). يتعلقون بأدلة واهية وحُججٍ بالية من أجل الفتنة والحرص على التأويل، غير عابئين بأوامر الله ونواهيه وغير مدركين ما تنطوي عليه من أضرار وشرور تخرق السفينة - لا قدر الله -.
أتذكر قولاً للخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عندما قال: "سيأتي أناس يجادلونكم بشبهات القرآن فجادلوهم بالسُنن فإن أصحاب السُنن أعلم بكتاب الله". وهذا ما يلمسُه المتفحصون في عقائد الناس، وأن هذه الفتنة الضالة التي خرجت على دينها وأمنها وسلفيتها المعتدلة جرت الوبال على أمتها وأصبحت تتعاقد مع الشيطان لمعرفة الدليل البدعي أو الدليل المتشابه بحجج - كما ذكرت - واهية كخيوط العنكبوت.
هذا الموضوع الذي أتناوله اليوم أجزم أنه لم يغب عن فكر المعتدلين وأصحاب الرأي الوسط، ولكنني حاولت التذكير به هذه الأيام تزامناً مع ما تصدره المحكمة الجزئية من أحكام ضد أرباب الفكر الضال ومن هم ينتظرون دورهم للمحاكمة العادلة بأدلتها وبراهينها وشهود وقائعها، مع أنني وأنا أرصد أعداد أولئك الذين يمثلون أمام المحكمة أتذكر برنامج المناصحة الذي أطلقه مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحه عبر شبكة توعوية من العلماء وأصحاب الاختصاص الذين يحاولون تبيان الحقيقة والمجادلة بالتي هي أحسن، حتى يتضح الطريق المستقيم لأولئك الذي اجتالتهم شياطين الإنس بالفتاوى الضالة والتغرير بالسفهاء وانحرافهم نحو الهاوية التي حذر منها الدين الإسلامي المعتدل وفق نهج الوسطية والاعتدال الذي تمضي عليه هذه الدولة المباركة بأجهزتها العَدلية والقضائية، وحرصها على عودة أبنائها إلى جادة الطريق الصحيح والالتفاف حول قيادة هذه البلاد التي تحرص على الإنسان والحفاظ على حقوقه دون التراخي في تطبيق الشريعة وامتثال أمر الله فيمن خرج على المنهج السوي وأراد بهذه الأمة أن تقع في المستنقع الذي أحاط بدول كثيرة في المنطقة. أقول يأتي هذا المقال تزامناً مع النتائج التي تطالعنا بها المحكمة الجزئية يومياً بعد فصل القضاء في أولئك الذين ضلوا الطريق وجانبوا الحق وعصفت بهم رياح التشتت فأصبحوا لا يرون إلا كما قال فرعون: (ما أُريكم إلا ما أرى) مع الأسف، وهذا جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويحيدون عن جادة الصواب، وهي فرصة لتقديم أجزل الدعاء والشكر لأفراد أمننا الذين يسهرون ليل نهار حمايةً للوطن وصيانةً لممتلكاته. وفق الله سمو وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وزملاءه الذين نجحوا بلا شك في خوض المعركة تجاه الإرهاب والتطرف.
هدى الله الجميع إلى جادة الصواب وأبان لنا الطريق الحق.