طالما هناك ثغرات وخلل في النظام الاجتماعي وفكرة الأفراد الخاطئة في السيطرة على المرأة والطفل، فمن الضروري أن تتسرب نتائج سلبية قاتمة مثل حالة ذلك الطفل الذي تم بث مقطع مؤلم لتعنيفه عبر موقع "تويتر"، وهي حالة عنوانها البدهي بالخط العريض: "لاإنسانية".

لا يهم بشاعة الصورة بقدر الضرر الذي يتمدد في شرايين هذا الطفل طوال حياته، ويقدم صورة مأساوية لحال الطفولة المعذبة التي تتعرض لامتهان ليس بسبب الجهل بقبح الفعل والسلوك، وإنما تلك الهستيريا المرضية التي تنتاب المعنف، أيّا كان، فمثل هذه السلوكيات لا تصدر من سويّ سليم النفس.

الأطفال أحباب الله، وحين ننظر إليهم من هذه الزاوية يستوون في المحبة، أبناؤنا وأبناء غيرنا من أيّ ملّة أو عرق، وينبغي أن تكون براءتهم حجابا حاجزا سميكا بينهم وبين ذلك العذاب الذي يأتيهم دون معرفة أو إدراك للأسباب، والتي لن تكون مطلقا موجبا أو مسوغا لتلقيهم ذلك التعنيف العظيم الذي يرسم على أجسادهم الغضّة تلك الخطوط البشعة التي تدين فاعلها وتخرجه من الزمرة الإنسانية.

لن نردد كثيرا المطالبة بالدور الفاعل والمحوري لجمعيات حماية الطفولة في مثل هذه الحالات، فهي على ما يبدو لا تقوم بالكثير الذي يمنع ارتكاب هذه الأفعال البشعة، ولكن الأهم هو التسوية النفسية العلمية لإخراج الضحايا من مترتبات الإهانة النفسية والجسدية التي تعرضوا لها، وللعلم لا يقتصر الضرر على الطفل البريء وحسب، وإنما هو ضرر اجتماعي يفترض أن يترتب عليه حق عام أصيل غير قابل للتسامح في مثل هذه الحالات.

والسؤال هنا: ما مدى فعالية أي قانون أو تنظيم لحماية الطفل من الإيذاء؟ كثير من الآباء الذين يرتكبون هذه الجرائم الوحشية يأمنون من العقاب أو يخفف عنهم، فيما العبرة تقتضي تشديد العقوبة حتى تقف حائلا دون ارتكاب الجريمة، وإذا لم يحدث ذلك فمن المؤكد سيفتح أعضاء "تويتر" موقعا جانبيا لأسوأ الجرائم بحق الأطفال.