منذ أيام قليلة تابعت الديربي القديم الجديد، الذي غاب سنوات وسنوات، لكنه عاد مجدداً.
ويبدو أن طرفيه اشتاقا له كثيراً، وأغرتهم ذكرياته فاحتضنا بعضهما، وقررا ألا يفترقا مرة أخرى، فترافقا إلى دوري الأولى بعد أن لعبا معاً في دوري جميل الموسم الماضي، ليتصدر النهضة حتى اللحظة دوري الأولى ويطارده الاتفاق ويراقبهما عن كثب شريك ثالث يقاسمهما جماهيرية المنطقة الشرقية وتاريخها وإرثها الكروي وهو القادسية.
لا يخفى على الكثيرين منا تاريخ وعراقة هذه الأندية (النهضة، والاتفاق، والقادسية).
فالنهضة قدم للمنتخب يوماً ما خالدين وناصر المنصور وماجد الهملان وآخرين، والاتفاق بطل العرب والخليج وبطل لكثير من البطولات المحلية، وهو من قدم لنا خليل الزياني صاحب أول تاج آسيوي للمنتخب السعودي كمدرب.
أما بطل آسيا في يوم ما، والذي ما زال يترنح بين صعود وهبوط القادسية، فيكفي أنه قدم سعود كريري كأحد نماذج لاعب كرة القدم المحترف في بلدنا.
هذا الإرث العريق والتاريخ الطويل لهذه الأندية يجبرني على الفضول والتساؤل.. ما الذي أسفرت عنه دراسة ملفات خصخصة الأندية، وما مدى جدواها؟ ولو كانت موجودة، هل من الممكن أن تكون ثلاثة أندية بهذه العراقة، وفي هذه المنطقة الاقتصادية الغنية، في هذا المستوى من التصنيف؟
هل الخلل إداري أم فني، أم هي عدوى أصابت أندية المنطقة فتدحرجت تباعاً للظل؟!
بالتأكيد لهذه الأندية مشاكلها، التي لا تختلف عن كثير من أندية الوطن، لكنني أكاد أجزم بتغيير واقع هذه الأندية لو أن الخصخصة أخذت طريقها للأندية، وتحولت إلى شركات تدار بنظام مشترك بين الواجهة الاقتصادية والأخرى الرياضية، فالمنطقة غنية برجال الأعمال وكبريات الشركات، وغنية أيضاً برجال الفكر والإدارة، وغنية أيضاً بالرياضيين والنجوم السابقين، الذين باستطاعتهم العمل في هذه المؤسسات.
الحقيقة أن نظام الخصخصة تأخر كثيراً، ولم نعد نسمع عنه شيئاً منذ مدة، ويبدو أننا لن نسمع على الأقل في السنوات القليلة المقبلة.
مهما كانت الأسباب يفترض بنا أن نبدأ حتى ولو جزئياً أو تدريجياً.
المهم أن نبدأ لأن الدراسة مهما استفاضت ومهما طالت ستبدأ الفكرة بكثير من النواقص والأخطاء ولا بأس أن نخطئ ما دمنا نحاول أن نتقدم، فمع الأوامر الجديدة والأندية التي استحدثت في كثير من المناطق لابد أن تستحدث أنظمة تساعد هذه الأندية على أن تقدم نفسها بسرعة وبشكل جيد، وأن تستطيع تقديم الإضافة لرياضة الوطن وللمجتمعات التي انبثقت منها وأسست فيها.