- اكتب.
- ما أنا بكاتب.
- يا أخي اكتب، فالمساحة لا بد لها من كلام.
- .. وهل يجدي الكلام؟ وهل يكتب من صارت يمينه يسرى؟ وهل يكتب من صارت كفه بلا أصابع؟
- اكتب.. اكتب أيّ كلام.. اكتب عن "إلياذة هوميروس"، أو عن قصيدة "البحيرة".. أو أقول لك: اكتب عن "الرمز التاريخي عند سيد البيد"..
- آه يا "سيد البيد"...
- أو اكتب عن فيلم: "سميرة في باريس"، أو قراءة في مقال: "بعير تحت الضباب".
- آه.. لقد نكأت جرحاً غائراً.. "الله أكبر على البريدي".
- لماذا؟
- لأن البعير تحت الضباب، يعاني من صدمة تشبه صدمة البدوية في باريس، فلا تعرف منها سوى أنها فيها.
- لا يا أخي لا تبالغ، فهناك - مثلا - جِمال تعرف شجر العرعر، وتعرف رمزيته، وما يعنيه، ولذا تستبدله بأشجار أخرى!
- ها أنت قلتها؛ يعني: أنها تعي ما تفعل، وتريد الاستفزاز.
- "يمقن، ويمقن لا".
- "المهم اكتب وخلّصْنا".
- ما رأيك في أن أكتب اعتذارا إلى عينيها؟
- عمّ تعتذر؟
- عن العجز؟
- العجز عن ماذا؟
- العجز عن الذود عن جمالها؟
- وهل لها جمال؟
- يا أخي "جَمالها" بفتح الجيم.
- "أها، ظننتك تقصد "جِمالها".
- لا، أقصد "جمالها".. "بلا حركات".
- "خلاص، هيا اعتذر لعينيها"، وقل لهما إنك كنت مشغولا – مع صديقك التشكيلي - بكتابة قصيدة توضع على مجسم، فيه أشجار وجبال وغدران، وإنكما تنويان وضعه في أحد ميادينها، ليزيد فتنتها فتنة.. ولكن هل تضمن بقاء المجسم حتى يرتد إليك حبك؟
- "لا والله ما أضمن".
- إذن، اعتذر دون عذر.. غازلها فقط، وسترضى.
- ممنوع.
- ممنوع!!
- نعم، ممنوع أن يقف في صفها أي قلم، ولو بالغزل.. ألم تعلم أن التغزل في المدن الجميلة صار يحتمل "إسقاطات" خطيرة عند محترفي "التأويل"؛ ولذا يجب أن تكون الأقلام في صف من يسكب "الكرول" على جسدها، بحجة أنه يطهرها.
- "على طاري الكرول"، يقولون إن "داعش" استخدمه ضد بعض مناوئيه في العراق.
- ربما، ولا يُستبعد ذلك، ولا ما هو أسوأ منه، فـ"الدواعش" لا يتورعون عن استخدام أي شيء، ولا يحدهم حد، وقد تكون أهدافهم شبيهة بـ"دبيب النمل" في خفائها، وهم ينتشرون في كل مكان.
- حيرتني.. طيب: عندك قصيدة؟
- عن عينيها؟
- لا.. "فكنا".
- أبشر، لن أكتب عن عينيها، ولا عنا، ولا عن "القصبات"، ولا عن "المجسمات" ولا.....
- "اص....."