مصر بأمسّ الحاجة الآن -وأكثر من أي وقت مضى- إلى الحرية بمفهومها الحقيقي والشامل، خاصة وهي في مرحلة مضطربة حول مفهوم الحريات، وبالذات الحرية الإعلامية.

لا يمكن لأي وطن أن ينهض دون إعلام حُر، ومصر أفضل من غيرها بكثير في مسألة الحرية الإعلامية منذ وقت بعيد، لكنها حرية إعلامية للأسف؛ كانت غير مؤثرة، حرية من نوع: اكتب ما تريد وقل ما تريد، ونحن نفعل ما نريد. هذه الحرية الإعلامية غير المؤثرة، كانت في أوضح صورها أيام نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك لمصر، بل وصل مدى الحرية إلى أن يتم رسم الرئيس في رسومات كاريكاتورية هازئة به وحتى بأسرته، ومع ذلك فالحال على أرض الواقع لا يتغير، قل ما تريد وسنفعل ما نريد.

الخبر الذي نشرته "الوطن"، على هذه الصفحة، حول إيقاف برنامج (العاشرة مساء) للإعلامي المتميز وائل الإبراشي، لأنه عرض مشهداً لامرأة مصرية تلد وسط الشارع، لرفض إحدى المستشفيات استقبال حالتها الخطرة؛ خبر مخيف جداً في مسألة الحرية الإعلامية.

إيقاف البرنامج كان بضغوطات من وزير الصحة على مالك القناة الذي استجاب، غير أن الذي هوّن من هذا الأمر المخجل، تدخل رئيس الوزراء لإعادة البرنامج، رغم أنف مالك القناة.

هذا الشد والجذب، في هذه الحادثة وغيرها الكثير، لا ينبئ عن مصر التي يريدها الإنسان المصري، والحرية التي نزل من أجلها إلى الشارع، بل سيعيدها إلى مربع حسني مبارك.