كان يوما مختلفا في حياتي أنا والآلاف من فتيات هذا الوطن العزيز، تسلمت شهادة تخرجي من الثانوية العامة، وتقافزت الأحلام أمامي كصغيرات لا يعرفن شيئا من صراع البقاء. بدأنا لعبة الدوران حول بعض للحصول على كرسي، وللأسف لم يكن أحد يسند ظهري وأرجلي لم تستطع الركض.

تلقيت خبر عدم قبولي كطالبة منتظمة في الجامعة، لأبدأ رحلة الصراع من جديد وبعد توفيق الخالق لاحت لي فرصة القبول بنظام الانتساب، تمسكتُ بالمقعد خِشية الغرق ومرّت السنة تلو الأخرى، كنتُ وزميلاتي طالبات الانتساب نصبر أنفسنا ونمنيها بالتخرج والتعيين كإخواتنا طالبات الانتظام وكانت المصاريف والكتب تهد الكاهل وتستنزف الغالي والنفيس ولكن كل شيء يهون مقابل حلم التعيين. جاء يوم مختلف آخر ورمينا قبعة التخرج للأعلى، تلك القبعات التي اصطدمت بسقف الواقع، ورغم ذلك اتسعت رقعة الفرحة وتخرجنا واصطففنا في طوابير الانتظار لحقوقنا ما بين وزارات التربية والتعليم والمالية وديوان الخدمة المدنية، اختبرنا القياس وملحقاته، وفُتحت مواقع التقديم، وتعددت الأسماء وتاه الكل ما بين جدارة والديوان والحصر والتربية وحافز.

وبعد انتظار وسهر وصلوات ودعوات وأمنيات تم إبلاغنا بإعادة التقديم في موقع جدارة، ولكن تفاجأت مع زميلاتي بأن خانة طالبات الانتساب تم استبعادها، لماذا! هكذا دون مقدمات لا معلمات ولا بديلات ولا إداريات؟ ماذا حدث من خطط وقرّر؟ وأين ذهبت ليالي السهر ودموع الأمهات؟ ومن سرق منا أحلامنا؟ من اغتال كل السعادة بداخلنا ونثرها في الصحراء؟

الأسئلة تمتد باتساع الجرح والألم والبطالة داخلنا، بعد كل هذه السنوات يا وطني العزيز وبعد أكثر من ستة عشر عاماً في مقاعد التعليم ها أنا أنتظرُ يوماً مختلفاً آخر.