بالفطرة أحببنا الوطن، بتلقين الوالدين والمدرسين والوعاظ وكبار السن، وديننا – بالفطرة – يؤصل حب الوطن والولاء له.

وفي هذا الصدد أعجبني تعريف في (وكيبيديا)، يقول: "الوطنية مصطلح يستخدم للدلالة على المواقف الإيجابية والمؤيدة للوطن من قبل الأفراد والجماعات".

ويضيف: "أمثلة من المواقف الوطنية تشمل التالي: الفخر بالثقافة، الفخر بالإنجازات، الرغبة في الحفاظ على طابع وأساس الثقافة، وتحديد الهوية مع الأعضاء الآخرين في الأمة".

وفي حديثي اليوم عن الرياضة التي تجمع كل الأطياف والأعمار والفئات، يظهر بين فترة وأخرى الحديث عن الوطنية حينما يلعب فريق سعودي في بطولة خارجية، مثلما هو الانقسام حاليا وبصخب حول فريق الهلال قبل مباراة الإياب السبت المقبل أمام ويسترن سيدني لتحديد بطل آسيا بعد أن فاز الفريق الأسترالي ذهابا.

وفي هذا الشأن، أقول: (من الوطنية) أن تتمنى فوز أي فريق سعودي، ولكن (لا يمكن) تجريدك من وطنيتك لأنك تتمنى العكس، إنها (شعرة معاوية) في فهم الوطنية وحب الوطن والولاء له وعدم الاتهام (بعدم الوطنية). وهذا الكلام ليس في الرياضة فحسب بل في الكثير من الأمور، عدا ما يمس الدين والوطن والدفاع عن شرفه وحدوده، هذا أمر حتمي أن تكون وطنيا.

والمؤسف جدا أن كثيرين من المشاهير والقدوات في عدة مجالات يسلخون (الوطنية) من (الرياضة)، إلى درجة أن هناك من قال إن (تمني خسارة المنتخب) لا يمس الوطنية..!! يا ستار..!!

وكثيرون يرون تشجيع فريق أجنبي على فريق سعودي (يمثل الوطن) أمر عادي جدا..!

تتعجب ممن يعشقون الرياضة بشكل عام ويتابعون كل صغيرة وكبيرة ويستثمرونها في الكثير من المشاريع والمجالات، ثم يسلخونها من كل ما له علاقة بالوطن والوطنية، إلى درجة القول: "هي جلد منفوخ، لا تدخلوها بالدين"..!!

(يادي المصيبة) على قول إخواننا المصريين..

يا سادة، الدين هو نور حياتنا وأصل معاشنا وقيمتنا وكرامتنا، وإذا عوّدنا شبابنا على مثل هذه الأقوال والتصرفات، فقد نصل إلى مرحلة قاسية من الفساد والتشتت والتصادم والعداء. والمشكلة الكبرى أن بعض القدوات لا زالوا غير مدركين لقيمة الرياضة وأهمية تأثيرها في المجتمع.

أجزم أن كثيرين – كالعادة – سيفسرون ويؤولون بأنني أقول (لا وطنية) لمن لا يشجع أي فريق سعودي في البطولات الخارجية، لكنني أعول على العقلاء والمشايخ والقدوات والقياديين بأن يكرسوا جهدهم للحد من خطر تفشي هذا الفهم الخاطئ للوطنية في مختلف أمور حياتنا، وأخطرها الرياضة وكرة القدم تحديدا.

أتمنى ألا يظهر بعض المتشنجين والمعادين للرياضة ومن يُبسطون القضايا ولا يفكرون في المستقبل، بتسطيح هذا الرأي والانسياق خلف الغوغائيين والمنفعلين وأصحاب الصوت العالي.

الأمر خطير جدا جدا، بتقديم حب الأندية على الدين والوطن، وسبق ونبهت إليه قبل أكثر من عشر سنوات في بعض البرامج لكن المذيع وبعض الزملاء الضيوف يلوذون بالفرار إلى قضايا ساخنة..!

ولذا آمل أن يكون الاهتمام والحرص أقوى من لدن المختصين والجهات الرسمية، فقد وصل الحال ببعض النجوم والإعلاميين للمجاهرة بأمانيهم أن (يخسر الهلال)، وسيلحق بهم آخرون إذا لعب النصر أو الاتحاد أو الأهلي، وهنا الخطر أكبر، لأن هؤلاء – وللأسف الشديد – لا يعون (مسؤولياتهم) وما قد يتسببون فيه بفهم مراهقين ومتعصبين يؤدي إلى معاداة الوطن.

أكرر بإن الوطنية لا يمكن تجريدها من أحد، لكن (من الوطنية) أكرر (من الوطنية) أن تؤازر أي فريق سعودي أو على الأقل عدم المجاهرة بأمنيات خسارته (الصمت حكمة).

وفي ظل سلبية الجهات الرقابية، هناك من يبحثون عن (الشو) دون مسؤولية ولا وعي، وهؤلاء يجب أن يعاقبوا من المؤسسات الإعلامية بعدم الظهور أو الكتابة، إذا أردنا أن نحافظ على قيمة الوطن. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.