بينما كانت الأمة العربية تحيي ذكرى وفاة الشاعر الفلسطيني الأشهر محمود درويش، باغت الموت أول من أمس رفيق دربه الذي شكل أحد أضلاع ثالوث المقاومة الفلسطينية شعرا "سميح القاسم"، الذي شارك على مدى عقود، رفاقه من المبدعين والمثقفين الفلسطينيين في تقديم نموذج لوعي وصمود المثقف إزاء الاحتلال، خاصة مع انبعاث الثورة الفلسطينة في منتصف الستينيات، من القرن الماضي، وشكل مع رفيقيه الراحلين توفيق زياد ومحمود درويش ثالوث المقاومة شعرا ونثرا، مؤكدين على تبلور الهوية الوطنية الفلسطينية، وتبلور وعي وطني تلازم مع ظهور ثلة من المثقفين أخذوا على عاتقهم النضال بالكلمة لتعزيز روح الصمود، وكان القاسم الأبرز صمودا ببقائه داخل فلسطين، مناضلا ومقاوما، داخل ما يعرف بأراضي 48.

ومع آخر ساعات نهار الأمس اكتظت مواقع شبكة الإنترنت بنعي عربي واسع من المحيط إلى المحيط باكية رحيل آخر "ثالوث المقاومة الشعرية" إثر معاناة مع سرطان الكبد بدأ قبل ثلاثة أعوام. وقال صديقه مدير مؤسسة محمود درويش الكاتب عصام خوري لوكالة فرانس برس بينما كان يجهش بالبكاء "لقد فارقنا سميح (...) أقف إلى جانب سريره مع زوجته وأولاده وأشقائه".

وكان الخوري أعلن قبل أيام أن القاسم "يمر بأوضاع صعبة، مشيرا إلى تفاقم وضعه الصحي قبل أكثر من أسبوعين.

كتب القاسم قصائد تغنى في العالم العربي منها قصيدته التي غناها مرسيل خليفة ويغنيها كل أطفال فلسطين وتغنى في كل مناسبة قومية "منتصب القامة أمشي .. مرفوع الهامة أمشي ...في كفي قصفة زيتون... وعلى كتفي نعشي، وأنا أمشي وأنا أمشي". وتنوعت أعماله بين الشعر والنثر والمسرحيات وبلغت أكثر من سبعين عملا. اشتهر بكتابته هو ومحمود درويش الذي ترك البلاد في السبعينات "كتابات شطري البرتقالة". ووصف الكاتب عصام خوري هذه المراسلات بأنها "كانت حالة أدبية نادرة وخاصة بين شاعرين كبيرين قلما نجدها في التاريخ."

وفي الفترة الأخيرة انتشرت قصائده بصوته على القنوات العربية والفلسطينية على إثر الهجوم على غزة مثل قصيدة "تقدموا ..تقدموا براجمات حقدكم وناقلات جندكم فكل سماء فوقكم جهنم... وكل أرض تحتكم جهنم".

سجن القاسم الدرزي الذي قاوم التجنيد الذي فرضته إسرائيل على طائفته، أكثر من مرة كما وضع رهن الإقامة الجبرية وتعرض للكثير من التضييق بسبب قصائده.

فيما نعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الشاعر الراحل. ونقلت عنه الوكالة الفلسطينية قوله "الشاعر القاسم صاحب الصوت الوطني الشامخ رحل بعد مسيرة حافلة بالعطاء وكرس جل حياته مدافعا عن الحق والعدل والأرض."