أشك كثيرا في أن كرة القدم السعودية في وضعها الحالي هي لعبة تجلب السعادة والمتعة والمنافسة الميدانية وتبث الإبداع والمهارة والاحترافية في كل شؤونها وشجونها.

اليوم كرة القدم السعودية مليئة بالمخالفات الإدارية والتنظيمية والقانونية ومليئة بالجدل والصخب والشتم والفوضى بين الإعلاميين وبين الجماهير، ضعيفة في إبداعها الفني، هزيلة في بنائها الإداري والتسويقي والاستثماري.

كرة القدم السعودية التي قادت غرب آسيا أمام دول الشرق من 1984م وحتى 2000م وهي بين بطل ووصيف نجدها اليوم تحتفل أيما احتفال بتأهلها للنهائيات القارية في أستراليا 2015م.

كرة القدم السعودية التي سيطرت أنديتها وفئاتها السنية على الكثير من البطولات القارية من أيام طيب الذكر الزياني وبطولة "مرديكا" نجدها اليوم تتفرج على المنجزات لدول أقل بكثير من مكانتها الاقتصادية والدولية؛ لأنها افتقدت الرؤية الواضحة والقوة المطلوبة لتنفيذ مشروعها الدولي الرياضي في رفع علم المملكة في المحافل الدولية.

اليوم ومع كثرة وسهولة وسائل التواصل الإعلامي والاجتماعي أصبحت كرة القدم السعودية مرتعا للتعصب ونشر البذاءة والشتم والسب العلني والاستهزاء والتنابز بالألقاب.

التنافس بين فريقين موجود في كل أنحاء العالم ومساندة فريق على آخر أمر محبب وطبيعي، ولكن الإقصاء والحقد والكراهية هي للأسف ما جعل كرة القدم السعودية تفتقد المتعة وإن حضرت بعض الإثارة في بعض المباريات في بعض الأوقات.

أنا حزين على جيل ابني "حمدان" ابن الـ 13 ربيعا وأنداده الذين يرغبون في الاستمتاع بكرة القدم من خلال ممارستها أو تشجيعها، ويجدون أنفسهم في مجتمع كروي لا يعرف للمنافسة الشريفة أي معنى ولا يقيم وزنا للمعاني السامية للرياضة، التي هي أشمل وأعم من تشجيع ناد على آخر.

نشر المحبة والسلام والتآلف والتواصل هو من أهداف كرة القدم المباشرة وغير المباشرة ولكن ما يحدث في أغلب وسائل الإعلام السعودية بكافة أطيافها وأنواعها وأشكالها يجعل كرة القدم السعودية تساهم في نشر التوتر والتعصب والحقد والكراهية؛ وهو ما سينتج جيلا إقصائيا أحاديا قادما، لن يتمتع بكرة القدم بل ستكون متعته في كيفية الإساءة للفريق المنافس ولجماهيره ولإدارته.

أنا لا أقول بأن تكون كرة القدم السعودية بدون منافسة بين الأندية والإدارات لتحقيق الأفضل لأنديتها، ولا أقول بأن نمنع الجماهير من ممارسة شيء من التعصب المحمود لفرقها دون الإساءة للآخرين، ولا أقول يجب أن نكمم أفواه الإعلام أو نلغيه، أنا أقول إن هذا الانفلات اللفظي الكامل قد يؤدي إلى انفلات أكبر وأعظم قد يضر بشباب هذه البلاد المباركة.

الرياضة وخاصة كرة القدم جزء من الترفيه في حياتنا ولكنه جزء يجب أن يبقى للاستمتاع، وليس للتناحر ونشر الكراهية والأحقاد؛ لأن ما يحدث الآن وما نسمعه ونشاهده في وسائل الإعلام يثير الاشمئزاز ويجب على الكل محاربته وبتره والقضاء عليه، وهذه مهمة رسمية وشعبية بحيث تقوم وزارة الإعلام والرئاسة العامة بدورهما الرسمي، وأيضا يقوم القلة من الإعلاميين الذين لديهم وعي وإدراك بخطورة ما يحدث بنشر مفاهيم التنافس الشريف وأهداف كرة القدم السامية.