حدثني أحد الأصدقاء عن زيارته لملعب نادي العين الإماراتي. يقول اشتريت أربع تذاكر لي ولأصدقائي من خلال موقع نادي العين، وقبل المباراة بيوم اعتذر اثنان من الأصدقاء عن الحضور. احتفظت بتذكرتيهما لعلي أجد من يحتاجهما ولكنني لم أجد.
يقول بدأت المباراة وانتهت والمقعدان المحجوزان بالتذكرتين ظلا شاغرين، ولم يتجرأ أحد حتى بالسؤال عنهما.. وحدثني أيضا عن خطة السير في الملعب وطريقة عزل جماهير الناديين في الدخول والخروج لمنع الاحتكاك بينهم، من المدرج مرورا بالمواقف وحتى الابتعاد بالسيارة عن محيط الملعب من خلال تنظيم دقيق..
الآن وبعد صبر طويل لجدة وأنديتها وبعد معاناة جماهيرها افتتح الاستاد الجوهرة، الذي يعد نقلة كبيرة على مستوى الملاعب في المملكة واحتاج إلى موقع "منصة مكاني" لحجز التذاكر وشرائها ليتماشى مع هذه التحفة في خطوة جديدة أيضا لمسابقاتنا المحلية.
كالعادة وككثير من الأشياء في بلدنا، التي تولد مشوهة، الموقع أغلب وقته لا يستطيع خدمة زائريه وكلما كثر مرتادوه، أصاب "سيرفراته" العطب، وكأنه لم يكن يتوقع هذا الإقبال الكبير، وهو يستعد لبيع 60 ألف تذكرة تقريباً.
أضف إلى ذلك أن أي تذكرة يتم حجزها لا بد من شرائها خلال أربع ساعات، وإلا سيلغى الحجز، والغريب توقيت طرح التذاكر كالحادية عشرة ليلاً مثل ما حدث في مباراة الأهلي والنصر.
الغريب أنك في حالة الحجز والشراء لن تجد مكانك شاغرا يوم المباراه وأنت الذي سارعت للدخول للموقع الإلكتروني لتحظى بموقع مميز في الملعب لتفاجأ بأن أحد الذين اشتروا تذاكرهم من الملعب ربما جلس في مكانك وعليك البحث عن موقع آخر.
"صله" ليست جديدة على الساحة وقد قضت في رياضتنا سنوات، وهي المعنية بالتذاكر طباعة وتوزيعا وبيعا. لكنها لا تقدم لا في الجوهرة ولا في غيرها من الملاعب ما يوازي أرباحها ومداخيلها وهي حقيقة لا يستطيع أحد إنكارها، خصوصا وسعر التذكرة يصل إلى 30 ريالا للجماهير التي يغلب عليها فئة الشباب وهذا كثير.
ولا زلت أستغرب كيف للأندية أن تسلم استثمارا كهذا ومداخيل لها مقابل مبلغ مالي وهي التي لو اهتمت بتسويق تذاكرها لجنت أرباحاً أكثر.
قد يقول قائل إن هذه ثقافة جديدة وتحتاج إلى وقت ليتعامل معها الجمهور.
نقول صحيح، لكن لو قدمت صلة بعض النماذج التوعوية والتثقيفية خلال المباريات ومن خلال موقع "منصة مكاني"، ووزعت موظفيها على المداخل لتنظيم دخول الجماهير وإيصالهم لمقاعدهم وبقليل من التنظيم سنختصر الوقت، وسيتقبل الجمهور تلك الثقافة ما دامت ستضمن له حضورا مضمونا ومرتبا، بعيدا عن الازدحام والطوابير.
مشكلة البعض لا زال يتعامل مع الجماهير على أنها هي التي بحاجة للحضور وهي التي سترضى بأي وضع وليس العكس، وهي التي تقدم قيمة مختلفة لمسابقاتنا.
والحقيقة أن الجماهير الهاربة من همومها والعاشقة لكرة القدم، والتي تجد في المدرج متنفسا لها تلام أيضا بصمتها وبحضورها المستمر دون أن تقدم احتجاجا يسمع صداه القاصي والداني. للمعنين بالأمر أقول قدموا لنا نماذجا في العمل لنفخر بكم أو على الأقل لنكف عن نقدكم أو اتركوا المجال لمن سبقكم في دول أخرى بإدارة هكذا مشاريع أو استعينوا بهم فقد مللنا الكبت وغبط الآخرين.
احترموا الجماهير وارحموهم، قدموا لهم شيئا من الذي يضفونه على المدرجات من المتعة وما تجنونه من أموال.