ما بين غمضة عين والتفاتتها تتكاثر شركات إنتاج مياه الشرب المعبأة في المملكة بشكل مطرد، يصاحب هذا التكاثر تكاثر آخر في عدد الشائعات وأحاديث المجالس عن صلاحية مياه بعض هذه الشركات للاستهلاك الآدمي، وبالطبع تجد مثل هذه الأحاديث سوقا رائجة في ظل صمت الجهات المعنية عن تفنيد أو تأكيد تلك الشائعات. هذا الصمت شجع أحدهم مؤخرا على وضع قائمة -Top 10- لأسوأ مياه شرب تجارية في المملكة وهي القائمة التي نسبها على استحياء لشركة أرامكو في محاولة ماكرة لإضفاء مزيد من المصداقية لها! وكالعادة غزت هذه القائمة بكل أرقامها وتحذيراتها كل وسائل التواصل الاجتماعي لتصبح مرجعية يعود لها الزبون كلما وقف أمام ثلاجة المياه في متجر البيع!

من جهة أخرى، فإن موقع الفيديوهات الأعظم "يوتيوب" يزخر بمقاطع كارثية -إن صدقت- عن بعض منتجات هذه الشركات من المياه. تأتي هذه المقاطع في العادة تحت عنوان "فضيحة شركة مياه.."، أما المكنون فهو مزيج من شوائب ومخلوقات دقيقة وأجسام طافية وسط قنينة مياه جديدة، بعض هذه المشاهد قد يغير رأيك في شرب المياه نهائيا، مهما كان مصدرها!

في ظل هذا التيه ومع كل هذه التضارب في المعلومات، فإن الجهات المعنية تلتزم صمتا مريبا عن كل ذلك، ما جعل بعض الشركات التي وُضعت في قلب الاتهام تصدر بيانات تفند فيها المزاعم التي طالت منتجاتها وتستعرض بالصور الشهادات الدولية التي حصلت عليها رغم مقاطع الشوائب الطافية في قواريرها!

هيئة الغذاء والدواء تظل الاستثناء الوحيد من بين الجهات المعنية بعدما حذرت مؤخرا من شرب مياه تُنتج محليا لتجاوزها النسبة القصوى المسموح بها من مادة البرومات، "كما خاطبت الجهات ذات العلاقة لسحب هذا المنتج من الأسواق"، والجملة الأخيرة بين الأقواس تمثل بحد ذاتها جريمة كبرى، حيث لا أحد يعلم كيف يسمح لشركة مياه مخالفة أن تغزو الأسواق بمنتجاتها الضارة!