يشير المؤرخ الكبير، عبدالرحمن الشبيلي، إلى أن راحلنا الهائل العملاق، عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل، أعطى في كل حياته مجرد خمسة لقاءات للإعلام ومن المدهش أن – أباتركي – كان على غلاف المجلة الشهيرة (life) في العام 1943. وحتى مع الإعلام تعلموا الدرس من عبدالعزيز: هذا – الفرد – الذي بنى كل هذا الملك المترامي الأطراف. كل هذه الحروب والمعارك. كل هذا الطموح والعصامية ومع هذا كل هذا الحديث القليل الذي تختصره مئتا جملة طوال الحياة. تقول الوثائق التاريخية بدارة الملك عبدالعزيز إن المؤسس الأسطوري لم يلق خطاباً واحداً لا في ساعة النصر ولا حتى بعد أي ارتداد أو كسر أو هزيمة. لم يقف على منصة أمام الجماهير بعيد عشرات الأيام المتعاقبة بعد كل فتح. مع هذا كله أعطوني عربياً واحداً في عشرة القرون الأخيرة فعل مثلما فعل عبدالعزيز وخاض الحروب جميعها مثل عبدالعزيز وضم الأطراف ووحد المختلفين مثل هذا الضخم الذي كان يقبل على طموحه وأحلامه بعزوة واحدة: أخو نورة.
تقول الوثائق أيضاً ذات ما ترويه مدونات الشفاه من مجايلي عبدالعزيز: لم يكن أحد من – الأربعين – الآباء المؤسسين، من الأبطال الذين كانوا معه ليلة فتح الرياض يعرف في المطلق أن لعبدالعزيز ألف نية لما بعد الرياض. لم يكن أحد معه ليلة الفتح الأكبر يعرف أن في رأس (أبوتركي) خريطة مختلفة فما هي العبرة؟ العبرة الكبرى من درس عبدالعزيز ليست إلا حاجتنا اليوم لمجرد أربعين رجلاً على ذات الطموح من همة عبدالعزيز. وحينما نصل قريباً للأربعين مليوناً، تذكروا على الدوام أننا جميعاً مجرد همة لأربعين فرداً ليلة يومنا الوطني الأول لا قبل ثمانين عاماً فحسب، بل قبل ذلك بثلاثة عقود. العبرة الصغرى من درس عبدالعزيز هي الصمت. هي اليمين الطويلة قبل اللسان الطويل. هي الهمة والعزم قبل الأماني والآمال. هي السكوت قبل الثرثرة. هي الفعل الذي لا يسبقه القول وحتى لا يلحقه. رجل بنى كل هذا المجد فلم يتحدث غير بضعة أحاديث ورجل وحد أمة من الطوال إلى حالة عمار ومن سلوى إلى مرفأ القنفذة فلم يقف بعدها لخطبة قصيرة واحدة. هو عبدالعزيز مثلما هو وحده: يومنا الوطني.