بالزغاريد استقبله اللبنانيون بعد غياب طويل، وعلى وقع التطورات اللبنانية والإقليمية، وضع في مفاجأة غير مرتبة، رئيس وزراء لبنان الأسبق سعد الحريري رحاله أخيراً في بيروت، في أعقاب غياب "مفروض" جراء الأحداث التي أتت بنجيب ميقاتي رئيسا لحكومة انقلابية مدعومة من "حزب الله".
ومع عودته تحدثت مصادر عن اتفاق لانتخاب رئيس للجمهورية خلال الجلسة المقبلة لمجلس النواب المحددة في 12 من الشهر الجاري وتردد أن اتفاقا ضمنيا حاصل على انتخاب سفير لبنان في الفاتيكان العميد المتقاعد جورج خوري الذي يقال إنه مرشح البطريركية المارونية الخفي وإن الاتصالات قد تكون توصلت إلى تزكيته.
وتقول المعلومات إن الفاتيكان دفع باسمه أمام كل زائر لبناني، كما أن علاقات خوري مع حزب الله لم يشبها أي توتر إبان توليه مديرية المخابرات العسكرية، أيضا فهو ليس في وارد مناكفة رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، كما أن فريق 14 آذار يرى في أن خوري يحمل مقومات الوصف الذي ردده منذ بدء معركة الرئاسة أي «الدولة».
وكان اللبنانيون قد استقبلوا الحريري أمس بالفرح والزغاريد وتوزيع الحلوى وتغريدات الترحيب وتبادل الصور الأولى و"السيلفي" على مواقع التواصل الاجتماعي، ونزل عشرات المواطنين إلى الشوارع ووزعوا السكاكر والورود على السيارات المارة، وسط ردود فعل سياسية توالت طوال الوقت مرحبة ومتفائلة بالحدث الذي شكل بشارة خيرللبنانيين من رجل يعتبر أن مصلحة لبنان هي أولى اهتماماته.
وفورعودته إلى بيروت فجرا قادما من جدة ووسط طوق أمني كبير، استهل الحريري نشاطه بزيارة ضريح والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري في وسط بيروت، ثم توجه إلى السرايا الحكومية حيث التقى الرئيس سلام، وأبلغه خلال اللقاء، قرار خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز تقديم مليار دولار إلى لبنان مخصصة لتلبية الحاجات الملحة للجيش وجميع القوى والأجهزة الأمنية اللبنانية.
وبحثا في آلية صرف الهبة، كما تم البحث في الأوضاع العامة في البلاد والتطورات الأمنية الأخيرة في بلدة عرسال ومحيطها.
وأكد سعد الحريري في حوار مع الصحفيين، أن عودته إلى لبنان "جاءت بعد الهبة السعودية للجيش التي سنعالج كيفية تنفيذها"، لكنه لم يُجب عن سؤال عن المدة التي ستستغرقها زيارته لبنان"، وقال "سأبقى طويلاً". وكان الرئيس الحريري غادر لبنان في العام 2011، لأسباب أمنية، حيث كان موجودا ما بين العاصمة الفرنسية باريس، والمملكة العربية السعودية.
في غضون ذلك، أكد أمين عام تيار "المستقبل" أحمد الحريري أن وصول الرئيس الحريري إلى لبنان "هو نتيجة قناعة تامة بضرورة حماية لبنان من الإرهاب وتثبيت الاعتدال على الرغم من الوضع الأمني الصعب".
واعتبر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، أن "عودة الرئيس الحريري تعني اكتمال عقد 14 آذار". وقال "نحن على باب مرحلة جديدة وأنا أعتقد بعد هذه العودة سيكون هناك تغيير كبير".
بدوره، أشار رئيس حزب "الكتائب اللبنانية" أمين الجميل إلى أن "عودة الحريري مؤشر مهم جدا وتساهم في معالجة الأوضاع الحالية وفي إنجاز الاستحقاق الرئاسي". ووصفت الأمانة العامة لقوى 14 آذار، في بيان الخطوة بأنها "شجاعة وبالغة الأهمية".
وأوضح عضو كتلة المستقبل النائب جمال الجراح أن "خطورة الوضع في لبنان وعرسال وامتداد النيران السورية إلى الداخل اللبناني أوجبا حضور الرئيس سعد الحريري على الأرض لمعالجة الوضع بشكل وطني شامل".
ميدانيا، دخل الجيش اللبناني إلى منطقة رأس السرج داخل بلدة عرسال للمرة الأولى منذ انتهاء المواجهات، وطلب من المواطنين عدم الدخول إلى عرسال وأجبرهم على العودة. وتردد أن عددا من المسلحين ما يزالون داخل بلدة عرسال وهم متنكرون بثياب مدنية.
وأفيد أن الجيش أوقف قناص مسجد أبو إسماعيل في عرسال، الذي كان يعمل على تغطية انسحاب المسلحين من البلدة، ويقوم بعملية القنص على الأهالي، وهو مطلوب بـ12 مذكرة توقيف، وإلقاء قنابل على فصيلة عرسال، وإصابة ضابطين أحدهما آمر الفصيلة المقدم بشارة نجيم. ووصفت مصادر مطلعة قضية عناصر أسرى الجيش وقوى الأمن الذين لم يُفرج عنهم في عرسال، بأنها "غير مُعلنة بالكامل وبأن خلفياتها خطيرة ومعقدة".
وتردد أن شروط الخاطفين تعقد عملية الإفراج عن الأسرى العسكريين وهي الإفراج عن الموقوف أحمد جمعة والإفراج عن لائحة منتقاة من الأسرى المتشددين في سجن رومية، وأن الساعات الـ24 المقبلة ستحمل أخباراً سعيدة فيما يخص الإفراج عن عناصر من قوى الأمن الداخلي المحتجزين.
وفيما أكدت أوساط أمنية لبنانية أن "حزب الله" منزعج جدا من توقف المعارك في عرسال ومحيطها. نبهت "من مغبة هذا الانزعاج، إذ إن هذا الحزب يملك وسائل إعادة الحال إلى التدهور".