قال الباحث ناصر الشدوي إن الشاعر ابن الدمينة أشار إلى استئناس الخيل قبل علماء الكربون 14 المشع الذين أثبتوا أخيرا أسبقية الجزيرة العربية في استئناس الخيل على شعوب العالم بعد اكتشاف مجسمات الخيل. وقال الشدوي المهتم بالبحث التاريخي: إن إشارات ابن الدمينة لم تأت من فراغ عندما كان يفتخر في شعره ويشير إلى أن قبيلته القديمة وأجداده العظام هم أول من ركب الخيل، بل نظل دائما ـ والكلام للشدوي ـ دون فهم مرامي كلامه دون البحث الجاد في الإشارات سواء ما يرد في القرآن الكريم أو في الحديث الشريف، أو حتى في حكمة آبائنا وأجدادنا لاسيما الشعراء، منهم بل تركنا ذلك للمستشرقين وعلماء الغرب يقرؤون آدابنا ويستخلصون منها نظرياتهم وابتكاراتهم. فابن الدمينة أشار إلى أن أجداده قبل آلاف السنين هم أول من ركب الخيل فهو يقول:
فإلا يكن عماي حلفا وناهسا
فإني أمرؤ عماي بكر وتغلب
أبونا الذي لم تُركب الخيل قبله
ولم يدر أمرء قبله كيف يركب
وفي البيت الثاني يقطع ابن الدمينة الذي عاش في نجد العالية شرق خثعم نواحي رنية وتبالة وبيشة وتثليث أن الناس لم تركب الخيل قبل قبيلته وأجداده القدامى، بل ولم تدر كيف يركب في إشارة إلى قصة استئناس هذا النوع من الحيوانات. كما أن هناك من المتأخرين من قال باهتمام ساكني تثليث من القبائل قديما وحديثا بالخيل لاسيما الأصيلة منها كخيول دهماء بن عطيان.
كما اشتهرت المنطقة بأشهر مرابط الخيول كالصقلويات وكروش العجوز والعبيات وغيرها من السلالات النادرة والأصيلة، فعرب جنوب الجزيرة العربية كانوا يبحثون في أصول الخيل، ففي قصة النبي سليمان بن داود عليهما السلام كما أوردها صاحب العقد الفريد أنه وعندما عرضت عليه الصافنات الجياد وفعل بها ما فعل كما هي القصة المعروفة إلا أن هناك أفراسا بقيت لم تعرض عليه فوفد أقوام من الأزد وكانوا أصهاره، فلما فرغوا من حوائجهم قالوا يا نبي الله إن أرضنا شاسعة فزودنا زادا يبلغنا فأعطاهم فرسا من تلك الخيل فكانوا لا ينزلون منزلا إلا ركبه أحدهم للقنص، فلا يفلته شيء وقعت عينه عليه من ظبي أو بقر أو حمار إلى أن قدموا إلى بلادهم فقالوا: ما فرسنا إلا زاد الراكب، فسموه زاد الراكب، فأصل فحول العرب من نتاجه. كما ذكر شهرة الخيل بتثليث العلامة حمد الجاسر الذي قال إن الخيل انتشرت بين أفراد القبيلة بأعداد كبيرة بل كانوا يهتمون بأصولها كما كانوا يحرصون على سباق للخيل الأصيلة في الأعياد. والمتتبع لاهتمام القبائل في نجد العالية (جنوب الجزيرة العربية) بالخيل يجد في وسائل التواصل كاليوتيوب وغيره ما يعكس اهتمام الناس في تلك النواحي بالخيل وتنظيم سباقات في الأعياد والمناسبات. الشدوي طالب بالبحث في سلالات هذه الخيول وأضاف: متى ما نالت خيول تلك المناطق من الاهتمام والرعاية والدعاية كونها الموطن الأول لاستئناس الخيل رأيت أفواج السياح من كل مكان تتوافد إلى المكان لترى وتتمتع بالنظر في السلالة الحقيقية للخيل، لاسيما أن العالم كله ومن خلال الكشف الأخير لمجسمات الخيول في القيرة من محافظة تثليث بمنطقة عسير قد اتضح لديه بما لا يدع مجالا للشك أن موطن استئناس الخيل كان في بيتنا العربي وأن تاريخ الاستئناس والصداقة مع الإنسان قدر بـ 9000 سنة وفي تثليث بالذات وليس 5000 عام كما كان يعتقد قبل.