الأمثال من الأقوال التي تجري على ألسنة الناس وتنعكس عن تجاربهم ومشاعرهم، وقد تأخذ شكلها السلبي أو المحبط والمتناقض أحيانا، وتنصب في السلوك العام، وتتشكل في الواقع لتكون مع مصلحة الفرد أو ضدها، وهناك الكثير من الأمثال الشعبية المتداولة والتي يؤخذ بها كأنها فريضة، كالذي يقول: "مد رجلك على قدر لحافك"، وهذا من الأمثلة الشائعة التي تأتي على النحو السلبي في تعزيز شعور الإنسان بالمشكلة ولا تدفعه إلى انتهاج الفعل الأصلح لنفسه.
يعرف آرثر تايلور المثل الشعبي بأنه: "أسلوب تعليمي ذائع بالطريقة التقليدية، يوحي في أغلب الأحيان بعمل أو يصدر حكما على وضع من الأوضاع"، أي أن أسلوبه التعليمي يجعله يتشكل في منظومة متكاملة تنظم نفسها بداخل الثقافة الاجتماعية، إضافة إلى قدرة خطابها لمحاكاة جميع المستويات والأعمار من الناس، وهي تجري على ما تجري عليه النكتة، إلا أنها تؤخذ على باب الحكمة ووصف الحال.
الأمثال في غالب ما قيلت فيه لا تجعل الإنسان يفكر بصورة مستجدة تجاه الواقع، فهي تعمل كما يعمل الموروث، أي أنها تكرس النظرة الوراثية تجاه الحياة وأثناء تعامل الفرد وتناوله للأشياء، فهي تعبر عن عملية إعادة لإنتاج الثقافة، وتعطي الإجابات السريعة والجاهزة. أضف إلى ذلك أن منظومة الأمثال الشعبية تكرس العديد من القيم السيئة في المجتمعات العربية، فمنها ما يكرس مفهوم الخوف أو القبول بضعف الفرد وتسليمه بالطاعة المطلقة، ومنها ما يكرس مفهوم الرضا بالأضرار الناتجة عن المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، من حيث تقبلها اجتماعيا كحتمية وعدم الاعتراض أو محاولة التصحيح لها.
أما الأمثال التي تكرس الصبر على الواقع مهما كان سيئا، فهي من أكثر الموضوعات التي تأخذ حيزا وتأثيرا في حياة الفرد العربي، وخصوصا المرأة، وهو الأمر الراسخ المرتبط ببعض النصائح المأخوذة من الخطاب الديني كالتوكل وانتظار الفرج، ليصبح أحد أهم المعوقات لنشاط الفرد الهادف إلى التغيير، والمهم أن ندرك أننا ملزمون في التعاطي مع الواقع برؤية حضارية ومنطقية، فإذا جاء أحدهم لك ناصحا بقوله "كن كالشمعة.. تحترق من أجل إسعاد الآخرين" فإياك أن تعجب بمثل هذه العبارة الرنانة، أعط مما تستطيع ولا تكن ضحية بإحراق نفسك من أجل أحد.