لم تعد موجة "الخطأ الفردي"، و"يمثل نفسه" تبريراً يمكن الأخذ به في موضوع الموت والحياة. محاولة تهوين الأمر، وجعله يبدو أمراً يحدث عادة في أفضل المنازل هو أمر آخر أشد سوءا من "الإرهاب" نفسه.
يبدأ الصباح بخبر عن شاب يحول نفسه لقذيفة ناسفة يعتقد أنه من خلالها يصنع مجداً لدينه، بقدر أرواح الكفار التي يزهقها كما أخبره بذلك معلموه.
ونمسي على آخر غادر جامعته، وقطع بعثته ليتجه طموحه من ترك أثر في دنيا فانية عن طريق تعليمه العالي، إلى الذهاب لحياة خالدة فقط بعمل واحد يقوم به، كما قرأ في كتب طفولته.
ولا يحدث شيء، "مشايخ" الأمس الذين أخبروه بأن هذا مغزى وجوده في الدنيا، اليوم يديرون الظهر له، ويخرجون مرة واثنتين وثلاثا في قناة بعد الأخرى ليتحدثوا عن فهم المساكين المغلوط للدين، ويتحدثون للمرة الأولى عن سماحته بعد أن كانوا يجرونه وزملاءه إلى مقابر في زيارات مدرسية.
ويمر الأمر هكذا.. "هؤلاء" لا يمثلوننا، وإنما هم حالات فريدة لا يعتد بها، سيمر عليها الزمن، ويزول أثرها مع مرور الوقت.
تُرى: "كم يدا تلزم لصنع مفخخة يعتقد صاحبها أنها طريق تحرير جزيرة العرب من المشركين؟". ألا تبدو الحالة الفردية حينئذ أمراً ذا بال؟
هل كان هدف كل برامج مكافحة الإرهاب هو إبعاد التهم عنا في أحد أهم مؤسسي الفكر المتطرف، عوضاً عن علاج جذور المسألة بشكل علمي وصحيح؟
لتقييم هذه الجهود بشكل جيد يمكنك اختبار ردة فعل مواطن حين تحكي له قصة عالم فيزياء فذّ في مجاله، غادر جامعته ومختبره واتجه إلى الدعوة إلى الله.
ملاحظة: معظم من يباركون هذه الخطوة هم من يبذلون غاية الجهد في ابتعاث أبنائهم إلى أماكن تحتوي على معامل شبيهة بمعمل الداعية الحالي: عالم الفيزياء السابق.
أي فوضى وتناقض نعيشهما؟