لم تحقق فعاليات رمضاننا كدا نجاحها المتتالي يوما بعد يوم وإقبال الزوار منقطع النظير إليها من فراغ، فقد أحسن القائمون عليها في إضافة اللمسات واللمحات التي توحي بكل ما يحن إليه الزائر حتى ولو كان من غير أهل هذه البلاد الطيبة، فما بالنا بأهلها الذين يحنون أكثر فأكثر لمعرفة حياة الأجداد وطبيعة حياتهم وروحهم المتمثلة في طعامهم وشرابهم وملابسهم وأيضا إمكاناتهم التي كانوا عليها في سالف العصر والأوان

من هذه اللمسات واللمحات التي حرص المنظمون على إقامتها وضرورة وجودها (دكان المصوراتي)، والمصوراتي كان في الخمسينيات والستينيات الميلادية شيئا عزيزا في أدواته وإمكاناته وقدراته وفق صيحات العصر لتلك الفترة، فلم تكن هناك صور بالألوان، ولم تكن أجهزة التصوير كما نراها الآن تلتقط لمسافات وأبعاد، ولم تكن الصور يمكن تجسيمها، ولم يكن هناك أيضا الفوتو شوب، كل هذا لم يكن موجودا متوفرا، كان المصوراتي زمان له شكل وزي خاص به، كما كانت أدواته عبارة عن كاميرا كبيرة يبذل معها مجهودا كبيرا لتخرج في النهاية صورة أبيض وأسود وعلى قدر كفاءة المصور الذاتية تكون قوة الصورة وتأثيرها.

في فعاليات رمضاننا كدا اهتم المنظمون بأن يتواجد مصوراتي زمان، والحقيقة أن التفاعل معه كان كبيرا وكبيرا جدا، فالمئات يتوافدون على المكان، منهم من يبحث عن الفضول ومعرفة الوقائع داخله، ومنهم من يفضل أن يكون له صورة مع المكان التاريخي والمصور القديم.

"الوطن" التقت بمصوراتي زمان طارق العبدالله الذي تحدث عن الجديد في الفعاليات وتفاعل الزوار فقال: الضيوف والزائرون جميعا لديهم حب الاستطلاع لمعرفة دكان المصوراتي لأن أغلبهم من الجيل الجديد الذي لا يعرف صور الحجازيين أجداده وآباءه، لذا وفرنا في الدكان كل ما هو قديم من العمائم الخاصة بأهل الحجاز وملابسهم، لذا تجد البعض يصر على ارتداء هذه الملابس والتقاط الصورة له، ومنهم من يختار ارتداء العمامة التي كان يرتديها أجداده، كما أن البعض من الآباء يحث أبناءه على أخذ أكثر من صورة، وآخرين يفضلون الزي الكامل بالجلباب الحجازي وعمامته والنظارة أيضا ليصبح الزي كاملا لتكون ذكرى لهم بأنهم عاشوا حياة أجدادنا القدامى، ويضيف طارق: أجمل ما في الدكان أنه خطف الأضواء وبات الإقبال عليه كثيرا حتى إننا وفي إطار الازدحام الشديد قررنا عمل تنظيم في دخول الأعداد لأن المكان ضيق، ففي أحيان تجد ما يزيد على 800 شخص على بوابة الدكان ومن الصعوبة بمكان أن يدخلوا جميعا، لذا قررنا إدخال 30 شخص وبعد الانتهاء منهم ندخل عددا آخر، وما يسعدنا نحن ما نراه من فرحة وابتسامة على وجوه الجميع سواء من دخل ليعرف حيز المكان أو من دخل والتقطت له العديد من الصور.

يؤكد طارق أن رمضاننا كدا والجهود التي قامت بها محافظة جدة وعلى رأسها صاحب السمو الأمير مشعل بن ماجد في الفعاليات هو مزج بين الحاضر والماضي، بالفعل ربطوا بين الموروث الثقافي القديم الذي كان يعيشه الأجداد والتطوير في الواقع المعاش الذي نعيشه الآن.

أوضح طارق أننا في دكان المصوراتي ومن خلال الفعاليات اكتسبنا أمورا كثيرة، والإيجابيات ولله الحمد لا تعد، أما السلبيات فسوف نتلافاها في الفعاليات القادمة إن شاء الله.

وعن المواقف المحرجة قال نحن لا يجب أن نقف على الصغائر من الأمور، وعلينا أن نتقبل الزوار بطبيعتهم، فبعضهم لا يحب التصوير والبعض الآخر يندفع مصرا على التقاط الصور، ووصف الازدحام الكبير بأنه طبيعي لأن الكثيرين لا يعرفون عن المصوراتي القديم وأدواته شيئا، لذا فإنني أوجه الشكر للمنظمين الذين يبذلون جهدا كبيرا ونكتفي بإدخال 30 شخصا كل نصف ساعة ليكون العمل من جانبنا متقنا ونريح في نفس الوقت المنظمين الذين يواجهون الازدحام والإقبال المتواصل بابتسامة.