حسب الإحصائية الأخيرة لتعداد السعوديين، فإن العدد 18 مليون ـ سعودي بدون المقيمين ـ يعني الكثير والكثير. ومن ضمن ما يعني أن هناك "ناشطا" داخل كل بيت سعودي، وهذا "الناشط" يتطور مع الزمن ويصبح مخلوقا "حقوقيا". وبعدها يجتمع بباقة الأهل والأصدقاء، ويصبح بعدها أكثر عمقا وتخصصا، فنجد في تلك الفترة "ناشطا في حقوق البطيخ"، "السياكل"، "الكبسة". وجمعيات لمناهضة "البخاري" ودعم "المندي"!.
حين أصبحت منتديات الإنترنت في فترة مضت هي المتنفس الأكثر إرضاء لبعض السعوديين، أصبح كل من يكتب باسم مستعار لفترة طويلة يستطيع تقديم نفسه في الفضائيات على أنه "ناشط في حقوق الإنسان"، وهذا النشاط يحصره صاحبه في انتقاد ممارسات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحديث نيابة عن المرأة، ومن ثم يصبح "ناشطا في حقوق الإنسان"، وهو أكثر الناس خوضا في أعراض الإنسان وتفاصيل حياته، وهو أكثر الناس عداوة للجمال والطبيعة البشرية؛ بل يمارس هذا الناشط أحيانا حربا بأسماء مستعارة ضد زملاء وزميلات المهنة لتفريغ شحنات متراكمة من الحقد الدفين، ومن ثم بكل بساطة يظهر على أي شاشة أو إذاعة ويعرف بنفسه "ناشط"!.
المحامي عبدالرحمن اللاحم على سبيل المثال، بذل كل ما يستطيع من أجل الإنسان وحق الإنسان، وحصل على جوائز عالمية في هذا المجال. وحينما فرغ بعض الإعلاميين من جميع المواد الدسمة التي كان اللاحم يملكها، نسفوا تاريخه وحاولوا تشويه صورته في المنتديات، في طريقة شللية وشوفينية كشفت القناع عن الساحات الخلفية والوجوه المشوهة للحرية ومفاهيمها والتي يخفيها البعض تحت قناع الكذب.
هناك ناشطون يمثلون الإنسان وحقوقه بشكل عقلاني وجميل وصريح، ولن أتحدث عن الجيل القديم أو المخضرمين في هذا المجال، ولا يمكن كذلك تعداد الجميع حتى لا يسقط اسم منهم سهوا أو لهوا. لكن يستطيع بعضهم التحدث عن نفسه ونيابة عن نفسه فقط، دون أن يكون متحدثا باسم حقوق الإنسان، وهو أبعد الناس عنها.