لاعبته طفلا صغيرا، وكبر مع مرور السنين. كلما زرت "رجال ألمع" التقيت أباه وغالبا شاهدته معه، مازلت أذكر تهذيبه وخلقه الرفيع وتربيته الاستثنائية في بيت أدب وعلم حتى امتلك وعي أبيه وبدت عليه ملامح متابعة طريقه، لكن إرادة الله كانت أقوى، فرحل خالد..

"خالد" لم يكن كشباب اليوم.. هو زهرة "ألمع" وزينة شبابها، ابن الصديق العزيز القريب الأديب عاشق التراث والموروث "علي مغاوي".. ولعمري إن رحيل شاب مثله يقصم ظهر أبيه وأمه وكل من عرفه، لكن الثبات والقوة والتحمل وغيرها مما شعرتُ به من صوت "عليّ" وأنا أكلمه قبل ثلاثة أيام كانت فوق تصوري وهو المكلوم الموجع بفقدٍ ليس كأي فقد.. خالد وصغيرته سلاف.

صديقي عليّ.. أحببتَ خالدا وأحببناه، وكان لدى من عرفوه أملا كما كان لديك، لكنه قدره.. ربما تمر الأيام وينسى البعض، لكنك أنت لن تنسى فهو منك، ولأنك منا فسوف يظل خياله يعاودنا كلما تذكرناك أو التقيناك، فالوجع حين يكون ألمعياً يدمي كل القلوب.

عزاؤك أن كل من عرفك تغلغلت إلى أعماقه، فكنت صديقا للجميع بمختلف أطيافهم، لذلك يستمر إرثك النقي لدى كل الأصدقاء، فذلك النقاء الذي يقطر منك جعل كل من واساك بالمصاب صادقا في إحساسه، متألما لما انتابك، متقاسما معك همومك.

صديقي عليّ

أحسّ بجرحكَ

أعرف أن جناحك راحَ

وجنح الجناح طواه الغيابْ

صديقي عليّ

بحزنك أُوجعتِ الروحُ

صرتُ هناك بلحظة حزنٍ

تلاشت لديّ المسافة حين تَزلزلتَ

رحتُ أناشد طيفكَ ثم أبث تهامة نجواي

أسأل عن وجع ألمعيٍّ يواجه أعتى مصابْ

صديقي عليّ

وأنت الذي كنتَ تنسج وعياً

وعلمتنا أن "خالد" منا

يجالس أهل الكتابة

ينهل مما يقولون..

يرسم حلما يهامس نبض الرؤى والسحابْ

أغادر حقا؟

أكاد أشكّ.. ولولا اليقين بصوتكَ

ما كنت أكتبُ

لكنه قدر الله

أنتَ ونحن نناشد رحمته.. نستكينُ

وفي رحمة الله يبقى الجوابْ