رصاصات الغدر ضد المرابطين في نهار شهر الصيام لم تزد الشعب السعودي إلا القوة والالتفاف حول علمائه وقيادته، مستنكرين مثل هذا العبث المكرس الذي يشتت جهود الأمة عن قضاياها، خاصة أن من قاموا بهذا العبث لهم سجلات إجرامية موثقة وأفكار ضالة تخرج بعضهم من مراكز المناصحة، التي عمدت الدولة من خلالها إلى تصحيح أوضاع بعضهم ومناصحتهم للعودة إلى المنهج القويم البعيد عن التطرف، بل وكانت الجهود المبذولة كريمة معهم بتبني قضاياهم وهمومهم؛ أملاً في العودة بهم عن هذا الطريق المعتم، رغم أن هناك من يعد مثل هذه الجهود مضيعة للوقت ما لم تستخدم الدولة الحزم ضدهم، بل في كثير من المواقف تستخدم الدولة معهم عبارات اللين معدة إياهم جزءا من نسيج المجتمع يحتاج إلى الرشد والإصلاح والبعد عن التغرير كما في كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الأخيرة في حفل استقبال أهالي مدينة جدة، مشيراً في كلمته إلى أنهم من أبناء الوطن غرر بهم للذهاب إلى مواطن الفتن.
ورغم التحول في صيغ الخطاب الرسمي والجهود المباشرة للدعاة والخطباء وتكريس مفهوم الوحدة الوطنية وعقد الحوارات المنوعة إلا أن عصبة الضلال مستمرة في التحشيد تحت ألوية تطوع الدين ونصوصه لمفاهيمها وأهدافها، بل غدت تكتلاتهم في دول الجوار التي تعيش ظروف الحروب والتمزق مدعاة لتحشيد القوة والتوثق بزمام الأمور وفق رؤيتهم المخيفة للعموم تبعاً لما يعد فعلاً حرباً إعلامية قائمة في مواقع التواصل، فلقد صارت عندهم دولة حسب رؤيتهم يفرضون البيعة لخليفتها ويتبركون برايتها، وهو ما يستلزم الصحوة العامة والتعامل مع المعطيات الراهنة بمنظور عملي يحصن المجتمع ويحفظ كيانه، فالشعب السعودي بعامته وبما مر عليه من أحداث ومواقف عديدة اكتسب حصانة قصوى ضد مثل هذه المؤامرات الصبيانية، ويجيد المجتمع كيفية الالتفاف حول قيادته كما يجيد كيفية التعاطي مع هموم أمته وجراحاتها بضمير حي ومواقف تبعثها إيمانيات هذا المجتمع وفهمه العميق لدوره الإسلامي تجاه الأمة، فالناس هنا مع غزة بقلوبهم وعطائهم ودعواتهم.