الموازنة بين العمل والإنجاز، والشفافية في الحديث عن هذا العمل، وإعطائه ما يستحق من تسليط الضوء عليه، حتى لا يبخس حق المتميزين في إنجازاتهم؛ قاعدة يجب تعلمها حتى لا نتخبط في معرفة صاحب الإنجاز الحقيقي في الحضور الملح لأصحاب الهرطقات، والثرثرات عن إنجازاتهم الكلامية التي ليس لها وجود.

لكننا، حتى الآن، ينقسم حالنا للأسف (أفرادا ومؤسسات) في التعاطي مع إنجازاتنا إلى قسمين في الغالب: قسم يعمل وينجز بصمت، دون أن يكبد نفسه عناء الحديث عن إنجازاته والترويج لها، منشغلا بأهدافه على أرض الواقع. وقسم دائم الحديث عن نفسه، يستخدم آلة الدعاية والإعلان والترويج لمشاريعه الوهمية بشتى الوسائل، حتى يصنع من نفسه بطلا وطنيا لن يتكرر! إلى هنا والأمر مقبول نسبيا، لكن أن يتهم صاحب الإنجازات الفعلية بالإهمال والتقصير، لا لشيء إلا لأنه انشغل بالإنجاز والعمل عن الكلام، فهذه ظاهرة يجب التوقف عندها. والأكثر هزلية، أن تصدر التهم من صاحب الضوضاء الدعائية الجوفاء دون إنجاز يذكر.

جميل جدا أن تعمل وتتعلم من أخطائك وهفواتك، وتعيد تجاربك حتى تنجح، وتصل إلى مرحلة الرضا، لكن أن تتوقف عن العمل، وتركن إلى الكسل، مكتفيا بالهرطقة، معتمدا على إنجازات وهمية يطبل لها أتباعك، ثم تمسك في يدك بعد ذلك عدسة مكبرة، تتصيد بها أخطاء الآخرين، وتبحث عن هفواتهم لتضخمها، فهذا هو السيئ. لذلك وجبت إعادة النظر في ادعاءات المتكلمين.