لا تكاد تمر حرب أو أزمة في أي من الأقطار العربية، ولا يكون لها انعكاس مباشر على المشهد داخل السعودية. آخر تلك الانعكاسات قائمة بـ32 شخصية إعلامية وثقافية غالبيتهم من السعوديين، روج لها أحد نشطاء "تويتر" على أنها "قائمة العار"، وذلك على خلفية معارضتهم للطريقة التي تدير بها حركة حماس الأزمة مع إسرائيل.
أهمية تلك القائمة، لا تكمن بالثقل الذي يشكله بعض المدرجين بها، ولكنها تتمحور حول "علو كعب" التخوين والتشكيك والمزايدة على بعض الشخصيات المعروفة بتوجهاتها الوطنية داخل السعودية وخارجها، مما يرسم علامات استفهام واسعة، حول الجهة التي تقف خلف قيادة مثل هذا التوجه، ويحيي مطالبات قديمة متجددة بضرورة تجريم التخوين.
وضمت القائمة أسماء وصور 4 شخصيات تعاقبوا على رئاسة تحرير صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، وهم: عثمان العمير (ناشر إيلاف)، عبد الرحمن الراشد (مدير العربية)، طارق الحميد (كاتب صحفي)، وسلمان الدوسري (الرئيس الحالي)، فيما كان لكتاب صحيفة "الوطن" نصيب منها عبر الكاتب علي الموسى والكاتبة سكينة المشيخص.
وتؤكد أكثر من شخصية ممن أدرجت أسماؤها في القائمة، وتحدثت إليها "الوطن"، جزمها بضلوع جماعة الإخوان المسلمين خلف الترويج لتلك القائمة، وذلك ليس في سبيل الدفاع عن القضية الفلسطينية، ولكن دفاعا عن "حماس الإخوانية".
رئيس تحرير صحيفة "الشرق الأوسط" الزميل سلمان الدوسري، أحد المدرجين على تلك القائمة، علق لـ"الوطن" على ذلك بالقول: "هذه عملية منظمة تدار من قبل الإخوان.. والقصد منها استمرار حملة التشكيك لإضعاف مؤسسات الدولة من الداخل لخلق حالة من التشكيك في مؤسسات الدولة سواء أكان ذك على صعيد الشرطة أو القضاء أو المثقفين أو الإعلام".
وأضاف الدوسري: "للأسف إن الإخوان يستغلون أي أزمة للعب على وتر العاطفة.. وهم بارعون في التشكيك والتزوير والتضليل"، مبينا بالقول: "ليس هناك من لا يتألم لما يحدث لغزة وغالبية من في القائمة أدانوا ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي.. ولكني أرى في المقابل أن من حقي وحق الآخرين انتقاد الخطى السياسية لحركة حماس".
غير أن الدوسري يرى بأن المسألة أخطر من مجرد قائمة ولا تمس سلمان أو غيره من المدرجين فحسب، بقدر ما تستهدف كيان الدولة ومؤسساتها. وقال: "من أصدر هذه القائمة هو نفسه من قال (من هو إخواني فهو مسلم).. هذا يعني أن غير الإخوان ليسوا مسلمين.. وهو نفسه من قال (إن من يحارب الإخوان متصهين وعدو للدين).. وهذا يعني أن الحكومة السعودية طبقا لوصفه متصهينة وعدوة للدين. وهنا تكمن الخطورة أن تعمد إلى تخوين دولة بأكملها، وهو ما يجعل من واجب الدولة تطبيق الأمر الملكي الخاص بمثل هذه التجاوزات على المتجاوزين".
التفكير باللجوء إلى القضاء، كان أحد الخيارات التي تدرسها كاتبة الصحيفة منيرة المشيخص ضد الشخص الذي روج لتلك القائمة عبر "تويتر"، فيما أكدت أن كل أطروحاتها حول القضية الفلسطينية لم تكن إلى جانب إسرائيل ولم تخرج عن الطرح الوطني العام.
وقالت المشيخص في اتصال هاتفي مع "الوطن": "لقد وصفنا بأذناب الصهاينة وهذا طعن في العروبة والقومية.. للأسف (المنشن) الآن في تويتر يغص بالتهديد والسباب.. وهذا الأمر مرفوض بشدة ويجب ألا يتم السكوت عنه"، فيما لم تستبعد التوجه إلى القضاء السعودي لإقامة دعوى قضائية ضد الشخص الذي روج لتلك "القائمة" لأنه بذلك عرض حياتها وحياة الآخرين للخطر، إذ أنه ليس كل من يتعامل مع "تويتر" أسوياء، فهناك مرضى نفسيون يمكن أن يصدقوا مثل تلك الترهات.
غير أن الإعلامية سمر المقرن، لا ترى فائدة في مقاضاة شخص "مريض نفسي" على حد قولها. ووجهت في اتصال مع "الوطن" رسالة إلى الجهات المختصة بضرورة إيداع مروج تلك القائمة في "مصحة نفسية" لعلاجه. وقالت: "أكدت لي مصادر أن مروج تلك القائمة هو مريض نفسي، فالأولى الآن علاجه، وبعدها يمكن أن أفكر بمقاضاته".
وأضافت المقرن: "الوطنيون ليسوا أجراء، الأجير هو الشخص الخائن.. أما حب الوطن هو الغريزة الطبيعية للإنسان"، لافتة النظر إلى أن مروج القائمة استغل بساطة الناس وسذاجتهم متحدثا باسم الإسلام والعروبة، واصفة إياه بأنه "أداة وأجير"، معللة اختياره من قبل من يقف خلفه للقيام بهذه المهمة لكونه "معتل نفسيا" ويدار كيفما شاءت الجهات الخارجية التي تحركه".
وعللت المقرن الهجوم الذي يشنه الشخص مروج القائمة عليها في "تويتر" بين الحين والآخر، لكونها دائما ما تتعرض وتنتقد وتكتب عن الشخصيات والجهات التي يؤمن بها ويراها "تابوهات" فوق النقد، كجماعة الإخوان المسلمين وفروعها بمن فيهم حركة حماس.
وفي 3 تعليقات مختصرة لكل من عبده خال وأحمد عدنان وعبد الله بن بجاد (أدرجوا ضمن القائمة)، قال الأول: "لست مضطرا للرد على أشخاص فهموا تغريدتي بشكل خاطئ"، فيما قال الثاني: "القائمة تدين من أصدرها"، أما الثالث وبالرغم من كونه لم يرغب بالتعليق إلا أنه رأى أن الدولة هي من يجب أن تتحرك دفاعا عن الأفراد لردع مثل تلك التجاوزات، لكون أن القضية تحولت إلى رأي عام.