"خطبتَ فكنت خطبا لا خطيبا/ يضاف إلى مصائبنا العظام". عقد كامل من الزمن ونحن نردد أن هناك فجوة كبيرة بين منبر الجامع والمجتمع المحلي.. لم يكن أحد يستمع أو يهتم.. بالأمس القريب اكتشفنا الأمر.. استلزم الأمر كل هذه السنوات.. غفوة طويلة!
تأمل حال الصدمة، وكيف يصف أحد المسؤولين الخطب التي تلقى على مسامع الناس: "إنها تقارير إعلامية أو تحليلات سياسية وإذكاء للعداوات.. تم عزل بعض الخطباء؛ حفاظاً على قدسية المكان التي لا تحتمل مثل هذه التجاوزات والمهاترات؛ لأن المسجد وُجد لغايات يفترض أن تكون قائمة على الوعظ السليم"!
ليس الإعلام السعودي وحده من يعيش في عزلة عن واقع المجتمع، بل حتى المنبر الديني هو الآخر يعيش العزلة ذاتها. الناس بين شخصين: إما شخص يمرر أجندته السياسية الخاصة به.. أو شخص لا يزال يعيش بعقله في الستينات والسبعينات لا يدري ما الذي يدور حوله، آبل تحتفل بإطلاق آيفون 6 والهند تدور حول كوكب المريخ والأخطار تحدق بنا من كل الاتجاهات الأربعة، وهو يحدثك لمدة ساعة عن أشياء لا علاقة لها بحياتك وواقعك وواقع بلدك!
أدركت وزارة الشؤون الإسلامية الأمر متأخرة حينما أرادت الاستعانة بهؤلاء الخطباء للتصدي للخطر الذي تواجهه البلد خلال السنتين الماضيتين فلم تجد أحدا. فاضطرت لاستخدام لغة التهديد والوعيد: "سيتم التحقيق مع كل من لا ينصاع للتعاميم التي أرسلت للخطباء ولأئمة المساجد ومديري دور وحلقات تحفيظ القرآن بشقيها الرجالي والنسائي ورؤساء المكاتب الدعوية"!
ولن ينفذوا شيئاً، ولن تستطيع الوزارة أن تفعل شيئا هي الأخرى.. يضطر وكيل وزارة الشؤون الإسلامية لصياغة التهديد مجدداً: "لا مكان بيننا اليوم لمقصر ومتخاذل أو مخذل".. إطلاقاً لم تكن الوزارة بحاجة لاستخدام لغتها هذه، لو كانت استمعت لنا قبل عشر سنوات!