ارتبطت المقاهي الشعبية في منطقة جدة التاريخية منذ القدم بالمشروبات الساخنة، التي يتوافد إليها أهالي المنطقة، حيث كانت المقاهي العنصر الأساسي لدى القدماء التي يجتمعون بها لشرب الشاي والقهوة والمشروبات الساخنة المتنوعة. ويعد شاي الجمر من المشروبات الأساسية والمعروفة لدى سكان جدة التاريخية.

ولإحياء ذلك التراث، جهزت بسطات بيع شاي الجمر في المنطقة ضمن مهرجان رمضان، حيث تشهد تلك البسطات توافد عدد من الزوار إلى المهرجان والذين يحرصون على شراء الشاي المطبوخ على كانون الجمر للاستمتاع بمذاقه المميز.

يقول أبو محمد صاحب بسطة لبيع الشاي على الجمر بمهرجان جدة، إنه جهز بسطة مكونة من الإبريق القديم والفناجين وكانون لوضع الجمر، حيث يتم وضع الإبريق لتسخين الماء ثم يتم وضع الشاي والنعناع المدني عليها وتقديمها للزبائن، مضيفا: عند طلب الشاي أقوم بسكب الشاي بكوب أو بأبريق من الزجاج كانت تستخدم في المقاهي الشعبية بالمنطقة، مشيرا إلى أن شاي الجمر من المشروبات المطلوبة في كافة الأوقات. وأضاف: لدينا مشروبات أخرى كالنعناع الساخن الذي يتم إعداده على كانون الجمر. وتعد المشروبات المصنوعة على نار الكانون مميزة ولها نكهة خاصة تختلف عن الشاي الذي يتم تحضيره بالطريقة العادية وفق رأي أبو محمد. كما أكد أنه يشتري الفحم وبعض الأباريق المخصصة للشاي، إضافة إلى جلب المياه المحلاة، ليبيع كأس الشاي بريالين. أما قيمة الإبريق فهي 10 ريالات وبنكهات متعددة مثل الحبق، والنعناع، والدوش أو الوزاب كما يسميه البعض، والميرمية، والبردقوش، مضيفاً أن عمله في بيع شاي الجمر يقضي على أوقات الفراغ، ويجني من وراء ذلك دخل جيدا. وقال إنه يبدأ البيع من بعد صلاة العشاء حتى منتصف الليل، وتم تجهيز مقاعد خاصة شبيهة بالمقاهي القديمة التي كانت تعج بها الأحياء والشوارع والأزقة.

من جهته، يقول الكاتب محمد يوسف طرابلسي: تعد المقاهي منذ القدم في الأحياء القديمة المكان الذي يجمع أهالي جدة، حيث كان رواد المقاهي يعرفون بعضهم بعضا باعتبارهم زبائن منتظمين، كما أن أصحاب عدد من المهن كانوا يتخذون عادة من إحدى المقاهي مقرا لاجتماعاتهم اليومية للتشاور وترتيب شؤون مهنتهم، وتسهيل الاتصالات بينهم وكل من ينشد الوصول إليهم.

أما خلال شهر رمضان، فإن العبادة لا تحول دون الترويح عن النفس، فقد كانت المقاهي ملتقى السمار، حيث تتجمع مجموعات من أبناء الحارة ليصهبوا الصهبة، وهي نوع من الغناء الجماعي، كذلك كان يجتمع بعض مرتادي المقهى المنتظمين حول الراوي الذي يقرأ لهم قصص عنترة بن شداد وأبو زيد الهلالي، موضحا أن القهوة وشاي الجمر كانا يقدمان في براريد "أباريق" ذات مقاسات مختلفة. وتقدم القهوة المرة والقشر وشيش الجراك أيضا. ومن أشهر تلك المقاهي قهوة المشورة جنوب غرب جدة، وقهوة الجمالة، وقهوة الفحم، وقهوة الفتيني، وقهوة الفتاق، وقهوة الرغامة، والسلمي، وقهاوى سوق الندى، وقهوة العلوي.