لا يتبادر إلى ذهنك عند سماع اسمه غير تلك الصورة النادرة في زمننا للعالِم الوسطي، لِمَن يستكشف مكامن الحق والموقف السليم دون غلو أو تفريط، أو تأطير للوعي أو تسطيح للعقل أو انغلاق على نمطية معينة من المنظومة الفكرية الدينية المتوارثة، فإما التجديد الذي يضيف، وإما التبيين في دائرة المشرع والمباح، دون مساس بالأصل والثابت.
لم يكن كأولئك الذين يبحثون عن دائرة الضوء، لتسويق أنفسهم، والوصول لأحلامهم الهشة في نيل بعض الوجود على صدر الساحة المجتمعية، إذ تعتريهم شهوة الحضور وصناعة البطولة والموقف المعارض ولو كان على حساب وطنهم أو حتى ما يؤمنون به من معتقدات ومبادئ وقيم.
الشيخ الاستثنائي عادل بن سالم بن سعيد الكلباني، من مواليد الرياض عام 1378 هـ. عمل في بداية حياته في الخطوط الجوية العربية السعودية لمدة ست سنوات. وتتلمذ على يد عدد من المشايخ ومنهم الشيخ أحمد مصطفى والشيخ محمد بن نبهان بن حسين والشيخ عبد الله بن جبرين وغيرهم.. كما أن لديه إجازة في القرآن والقراءات العشر.
وهو إمام وخطيب جامع الملك خالد بالرياض سابقا، وإمام جامع "المحيسن" حاليا، ولا زال به حتى الآن، كُلِّف لفترة وجيزة بإمامة المصلين في صلاة التراويح عام 1429هـ في شهر رمضان بالمسجد الحرام في مكة المكرمة.
على الرغم من أنه لا يحمل شهادة جامعية إلا أنه تجاوز من زينوا "أسماءهم بالدال الفارغة" علما شرعيا وثقافة موسوعية وفقها عصريا لا تنقطع أوردته مع الماضي المرتَكز عليه والمتفق فيه بين أعلام المسلمين وأئمتهم.. فلم يبتدع ولم يكن صاحب رأي مخالف عن الإجماع معارض لعموم جمهور علماء المسلمين، لكن الذي نبش أفواه البعض -إذ سنوا ألسنتهم للنيل من وسطيته- أنه اتكأ في رسالته الدينية على الوضوح والمصداقية مع الذات من خلال تحليل "المحلل أصلا"، وتبيينه وإعادته لما كان عليه، بعيدا عن المشي المبالغ فيه في رحاب "باب سد الذرائع"، فكانت فتواه المحللة للأغاني -وهي ليست جديدة فقد سبقه الكثير من علماء المسلمين في ذلك- قاصمة لظهر المتعسفين المنفرين من سماحة هذا الدين ووسطيته وشموله وعدم انقياده للرأي الخاضع للأجندة المبنية على الرؤية الفردية التي لا تقف على دليل واضح أو نص ديني صريح.
الشيخ عادل الكلباني لا يحمل عقدا تجاه مجتمعه، ولا يعيش في زمن غير زمنه هذا، فلا يتقاطع مع المتحول بل يمازجه مع الثابت وينقيه حتى يصبح مقبولا في دائرة شرعية إسلامية واضحة.
من المؤسف أن كثيرا من الناس لا يعرف "الكلباني" إلا من خلال ردوده الطريفة على مناقشيه في "تويتر".. فلم يستمعوا لآرائه الفقهية والشرعية ونظرته الصائبة في كثير من المواضع والقضايا التي تدور في الفلك الاجتماعي الديني.
وأخيرا يكفي الشيخ عادل الكلباني أنه حتى في بنائه لشخصيته الدينية لم يطرق أبواب المكرور والمعهود في تلقي العلم أو حفظ القرآن، فحفظه له كان في كبره ومن ضمن من حفظ على أيديهم "الشيخة" أم السعد رحمها الله، في حين أن مجتمعه حتى اللحظة لا يعتد برأي امرأة ويرى أنه من المحرم خروجها من بيتها!!