في دراسة حديثة لـ"نيلسون"، أجريت خلال الربع الثالث من العام الماضي حول مستوى الاستعداد الفردي لمشاركة الغير في مستلزماته الأساسية من مسكن وملبس ومركبات وغيرها، كان لافتا أن يكون معدل استعداد الأوروبي لمشاركة ممتلكاته الخاصة مع الغير 54?، وأن استعداده لمشاركة الغير بممتلكاتهم كان 44?، كما أن في أميركا كان المعدل 52? و43? في وقت كان استعداد مشاركة الشرق أوسطي والأفريقي لممتلكاته الخاصة مع الغير 68?، وأن استعداده لمشاركة الغير بممتلكاتهم كان71? ، مما يعني ـ وبقراءة سريعة للأرقام ـ أن الأوروبيين والأمريكان أكثر استعدادا للعطاء من سكان الشرق الأوسط وأفريقيا والذين يحرصون أكثر على الأخذ.
الدراسة التي أجريت عبر الإنترنت خلال الربع الثالث من العام الماضي 2013 وعلى عينة مكونة من ثلاثين ألف شخص في ستين دولة، كشفت بشكل واضح أن الكثير مما يقال حول الدافع وراء عمل الخير والحرص عليه، نابع من الإيمان الداخلي بأهمية التكافل الاجتماعي باعتباره عمادا أساسيا لمحيط أقوى، وأن المحرك الحقيقي للعطاء هو شعور الإنسان ذاته بواجبه الإنساني لا باعتبار ذلك جزءا من الرياء الاجتماعي، كما كشفت هذه الدراسة أن الاستعداد للعطاء لا يرتبط بالضرورة كما يظن البعض بمقدار ادعاء البعض بالمثاليات وتمسكهم السطحي بالمثل والتشريعات، فمجتمع شرق أوسطي كالذي نعيش فيه كنت أتوقع أن يكون أكثر حرصا على التكافل بالعطاء منه على التكافل بالأخذ!
شخصيا لا ألوم مجتمعنا الشرق أوسطي على هذه الأرقام المثيرة للدهشة بالمقارنة، إلا أنه من المثير ربما للشفقة وللحزن أن تثبت الأرقام أن الأميركي أكثر كرما من المسلم عندما يتعلق الأمر بالعطاء، فأين ذهب ديننا الحنيف الذي يدعونا في كل تعاليمه إلى أهمية الكرم والعطاء والتكافل، هل الأميركي لديه دين عظيم كديننا يدعوه إلى عمل الخير والحث عليه؟!
نعم من السهل جدا أن نصوغ التحليلات المؤامراتية ونقول إن هذه الأرقام مغشوشة، وليس ببعيد أن نقول إن الصهيونية والاستعمار يقفان خلف ذلك، ولكن أليس حريا بنا أن نفكر قليلا ونعيد ترتيب أوراقنا الداخلية لنجيب على السؤال الأهم، وهو هل نحن فعلا شعوب تعطي قبل أن تطلب، أم أننا شعوب غارقة في بكائيات المطالبة شارطة الحصول على ما تريد قبل أن تقدم للمجتمع والوطن ما يستحقة؟! مجرد سؤال.