العنوان بعاليه هو حصيلة الطابور الشبابي الهائل للزحام على وظائف معلنة بأحد قطاعاتنا الأمنية. وبالحساب الرياضي فإن فرصة الشاب الواحد ليكسب السباق ليس إلا الزحام مع عشرين شابا آخر في المعدل، وبالحساب الاجتماعي فإن الفائز الحقيقي قد يكون صاحب حروف العطف و ـ الواو ـ والشفعة لأنه في أفضل الأحوال تفاؤلا فسيبقى من النزاهة بمكان أن لا نجد شفعة لملف واحد إلا من بين كل عشرين ملفا.

هذه نتيجة تقدمية إيجابية أن تحضر المحسوبية إلى واحد من عشرين أو 5% فقط من بين كل ملفاتنا الوطنية. مع ذلك ما هي دلالات الرقم السابق؟ هذا يعني أولا أن سنام الجمل لوحده (لا أدري من أين جاءتنا حكاية جبل الجليد الذي لا نشاهده) يبرهن بالضبط أن لدينا من البطالة إلى مجرد إعلان من إدارة حكومية واحدة 130 ألف عاطل فعلي عن العمل، وهؤلاء مثبتون في إضبارة الفرز، وهم بكل تأكيد لا يبحثون عن وظيفة وهم على رأس الثانية. ناهيك ثانيا عن أن هؤلاء هم من سمع أو قرأ بالشواغر المعلنة، فضلا عن البقية ممن لا يريدون ربما ذات الوظيفة أو حتى من البقية التي لم تسمع أو تقرأ هذا الخبر.

ومثلما يكون هذا الرقم الإعجازي من البطالة دلالة إحصائية على مجرد جزء من هذه المعضلة بمثل ما هو رسالة إلى كل الجهات المعنية ومنها الهيئة العامة للاستثمار. ما هو الاستثمار الأجنبي الذي تتحدثون عنه وما هو رأس المال الذي أتى به وفيم وأين أنفقه وما هو حجم وظائف التوطين التي ساهم هذا الاستثمار في خلقها أمام آلاف الكوادر من الموارد البشرية الوطنية؟ نحن حتى اللحظة لم نشاهد مستثمرا أجنبيا واحدا من منشأة صحية رغم الحديث عن مئتي ألف وظيفة محترمة في هذا القطاع. نحن لم نشاهد مستثمرا أجنبيا واحدا في التعليم والتدريب رغم الحديث عن 50 ألف وظيفة محترمة في هذا القطاع. نحن لم نشاهد استثمارا أجنبيا واحدا في صناعة ثقيلة حقيقية كالسيارات والأجهزة ومستلزمات البناء وفي الشوارد القليلة التي ستفحمني بها هيئة الاستثمار من استثمارات شاردة هنا أو هناك. سأراهن أن المواطن السعودي فيها مثل الشعرة الشقراء في رأس بدوي أصيل. دعونا نصدق مع واقعنا ولو لمرة واحدة فالعنوان بعاليه مخيف جدا جدا وقد أخبرت.