مثلت ثورة 30 يونيو المصرية الشرارة الأولى في الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي عن منصبه، وكذلك الإطاحة بـ"الإخوان" من سدة الحكم، لتتواصل بعد ذلك موجات لا تنتهي في بحر المشهد السياسي المصري، من بينها إصدار بيان 3 يوليو، ثم نجاح مصر في تنفيذ استحقاق تعديلات الدستور والانتخابات الرئاسية ووصول الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى قصر الحكم، فيما أكدت الأحداث أن جماعة الإخوان كانت تعيش في وهم سيطرتها على الشارع بينما أثبتت الأيام عكس ذلك.

وفي الذكرى الأولى للثورة التي احتفلت بها مصر منذ أيام تكشف" الوطن" عن "كواليس" أحداث الثورة، وما تلاها من بيان اتفقت عليه غالبية القوى السياسية، باعتباره الوسيلة الوحيدة لإنقاذ مصر من الانقسام واشتعال حرب أهلية.

مشاركة حزب النور


يحكي رئيس حزب النور وأحد أبرز القوى الإسلامية الداعمة لبيان الجيش في 3 يوليو الدكتور يونس مخيون، إن "الحزب شارك في إصدار البيان وخارطة المستقبل، حيث رأينا استحالة استمرار محمد مرسي في منصبه، وتعاملنا مع الأمر الواقع بهدف استقرار مصر والحفاظ على الدولة من الانقسام وإنقاذ البلاد من الصراع الديني الذي كان على وشك الانفجار، وطلبنا لقاء قيادات بجماعة الإخوان في 16 يونيو، بهدف مطالبتهم بتنفيذ عدة حلول للخروج من الأزمة، منها تغيير حركة المحافظين، وإجراء تعديلات وزارية قبل 30 يونيو، فأجابنا محمود عزت، نائب المرشد، بأن 30 يونيو سيكون يوما عاديا، والإخوان لديهم رصد بأن الذين سينزلون الشوارع لن يتعدوا 15 ألف متظاهر، وأن الذين وقعوا على استمارات حركة تمرد لسحب الثقة من مرسي، لا يتجاوزن 150 ألف مواطن، وأن 30 يونيو سيمر مثلما مرت 24 مليونية سابقة.

وأضاف مخيون "وفي مساء 29 يونيو، تلقيت اتصالا من مؤسسة الرئاسة، لحضور لقاء مع مرسي وممثلي الأحزاب في قصر القبة، ولم أتمكن من الذهاب، لأني أبلغت قبل موعد الاجتماع بساعتين فقط، فأرسلت المهندس جلال مرة، أمين عام الحزب، وأخبرني بما حدث في الاجتماع، وحضور 12 شخصًا فقط، هم رؤساء الأحزاب الإسلامية، وأبرزهم أبوالعلا ماضي رئيس حزب الوسط، وسعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة، وأخبرني مرة أن مرسي أخبرهم بأن القوات المسلحة قدمت مبادرة تخلو من إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ولكن كانت تشمل مطالب مهمة، منها تغيير الحكومة وعمل ميثاق شرف إعلامي، ومصالحة مع المعارضين للسلطة، إلا أن معظم المتواجدين من رؤساء الأحزاب كان ردهم سلبيا بشأن المبادرة، وأن الكتاتني انفعل يومها موجها حديثه إلى مرسي بالقول إن 30 يونيو يوم عادي، وسيمر مثل المليونيات السابقة، وبعد خطابك الأخير يا سيادة الرئيس، الشعب يؤيدنا بنسبة 100%، وطالبه بألا يستجيب لأي مبادرات".

وقال مخيون إن "الحزب حاول التواصل مع رئاسة الجمهورية في 30 يونيو، وبالتحديد مع مستشار الرئيس باكينام الشرقاوي، وتطرقنا إلى أن الملايين نزلت في الشوارع، والأعداد كثيرة والوضع صعب، وأجاب بأن كل شيء تحت السيطرة، ولا توجد أي مشاكل، وبعدها اتصلت برئيس حزب الوسط، أبوالعلا ماضي، وشرحت له صعوبة الموضوع، فأجاب بأن الذين يتواجدون في الميدان مجموعات مأجورة، وسيغادرون الميدان في تمام العاشرة مساء، ثم حاولت الاتصال بنائب المرشد خيرت الشاطر أكثر من مرة على هاتفه ولم يرد، والواضح أن الإخوان يعيشون منذ 30 يونيو في وهم، وكأنهم في عالم آخر، وأنصحهم أن يخرجوا من هذا الإطار، وأكثر من مرة سمعنا منهم التصريحات النارية بشأن استرداد السلطة، مثلما حدث يوم 6 أكتوبر الماضي، والقول إنهم سيستردون السلطة في ذلك اليوم أو غيره، والهدف من ذلك أن يجعلوا أتباعهم يعيشون في وهم، لكي لا يتراجعوا وينشقوا عنهم، وهذا خداع لهم، وهم يعلمون في داخلهم أنه لن يحدث أي شيء".

اجتماع بمنزل الكفراوي


وتحكي عضو مجلس الشعب السابق التي شاركت في كتابة بيان 3 يوليو منى مكرم عبيد إن "البيان تمت كتابته في اجتماع جرى بمنزل المهندس حسب الله الكفراوي، وزير الإسكان السابق، في 30 يونيو، وأسفر عن صدور بيان طالب الموقعون عليه بتأسيس مجلس رئاسي مؤقت وحكومة كفاءات تقودها شخصية وطنية وإجراء انتخابات ديموقراطية نزيهة للرئاسة والبرلمان والمحليات.

وقال لنا الكفراوي إنه على تواصل مع الجيش والفريق عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع وقتها والبابا تواضروس وأحمد الطيب شيخ الأزهر وإنهم طلبوا منه أن نشارك في بيان ندعو الجيش للتدخل ومنع الدم والحرب الأهلية، وتنفيذ ما وعد به في بيان الجيش ومهلة الـ7 أيام، ولم يكن الاجتماع سريا، وتم الإعلان عنه يوم 1 يوليو، ولكن الإخوان شوهوا الاجتماع واعتبروه دليلا على أن 30 يونيو انقلاب، وذلك على عكس الواقع، وقلت للأميركيين إن 30 يونيو هو عزل شعبي مثلما فعلوا مع الرئيس الأسبق نيكسون عندما عزله الكونجرس".

"تمرد" تتحرك





وتشير عضو حركة "تمرد" مي وهبة إلى أن الاجتماع الأول للحركة تم داخل غرفة بأحد مراكز الأبحاث في منطقة وسط البلد، وذلك بحضور عدد من الشباب، لشرح آليات العمل وتوزيع المسؤوليات، ووقتها تم تكليفي في الاجتماع بإدارة المكتب الإعلامي للحملة، ولم يكن أحد من الداعين لسحب الثقة من محمد مرسي يتوقع أعداد المصريين الذين نزلوا في الميادين يوم 30 يونيو، والتفافهم حول الفكرة التي بدأت كخاطر ورد في ذهن حسن شاهين، حين كان يجلس معي على إحدى مقاهي منطقة البورصة في نهاية مارس 2013، ثم طرحها عليّ وعلى أصدقائه المقربين، محمد عبدالعزيز ومحمود بدر، فأعجبتهم الفكرة، التي أطلقنا عليها تمرد، وكان لي شرف تأسيس صفحة فيسبوك الخاصة بها، وبعدها عرضنا الفكرة على زملائنا في الوسط السياسي، من الشباب والكبار، فلاقت الفكرة إعجاب البعض، وقرر المشاركة، ولم يقتنع البعض الآخر، إلا أنه تمنى لنا النجاح.

بيان السيسي


وتضيف وهبة أنه تقرر تدشين الحملة رسميا في أول أيام شهر مايو، بالتزامن مع عيد العمال، باعتباره رمزا وطنيا، على أن يكون موعد النزول الوحيد إلى الشارع في 30 يونيو، لتسليم الاستمارات التي سنجمعها إلى المحكمة الدستورية العليا، قبل أن نقرر تأخير موعد تسليم الاستمارات لما بعد 30 يونيو سرا، وعلى مراحل، حفاظا عليها، وذلك بعد الهجوم الضاري من الإخوان على كل من يوزع الاستمارات، ووصل الهجوم إلى حد القتل، وفي ليلة 30 يونيو، كنا نضع أيدينا على قلوبنا، ونتساءل هل ستنجح الفكرة، ويفعلها الشعب المصري، وكانت المفاجأة بخروج تلك الأعداد الغفيرة التي رأيناها في ذلك اليوم، والتقيت العديد من أعضاء تمرد على منصة الاتحادية، وسط هتافات ومحبة من المصريين، قبل أن نتفرق مجددا في نهاية اليوم، حتى جاء يوم 3 يوليو، حينما التقى محمد عبدالعزيز ومحمود بدر مع عدد من القوى الوطنية، بوزير الدفاع وقتها عبدالفتاح السيسي، وخرج علينا بالبيان الذي أبكى المصريين، وغمرهم بالسعادة، لنجاح ثورتهم، وانحياز الجيش العظيم إلى الإرادة الشعبية، وانتظرنا حينها عودتهما من الاجتماع، الذي دام أكثر من 5 ساعات، ثم استقبلناهما استقبال الفاتحين، داخل مقر غرفة العمليات، الذي سماه البعض "بطن الزير"، وكان في أحد شوارع مصر الجديدة، بالقرب من قصر الاتحادية، وذلك بعد يوم طويل وعصيب، اختلطت فيه مشاعر الخوف والقلق عليهما، وفي انتظار ما ستسفر عنه الأحداث".