ومن المفارقات اللافتة التي قد لا يعرفها كثر عن سمو وزير التربية، وهو يدخل إلى فصل ثانوي في مدينة حائل بعض ما يلي: ودعك أولاً، أنه على هرم الوزراء في التصنيف الدولي الجامعي كخريج لجامعة أكسفورد، فأنا لا أعرف وزيراً من هارفارد. هذا غير مهم كثيراً في حياة سمو الأمير الوزير. الأهم، في ثانياً، أنه أول وزير تربية في تاريخنا المحلي يتلقى تعليمه الأساس في مدرسة داخلية بالطائف كان لا يخرج منها إلا ظهر الخميس ليعود إليها مساء الجمعة، الأهم، في ثالثاً، أنه ربما يكون الوزير التربوي الوحيد على المستوى العالمي الذي درس مرحلة الثانوية مرتين: الأولى، في مدارس دار التوحيد، والثانية، مرغماً بقرار أبيه، وأيضاً في مدرسة داخلية صارمة في "برنستون" بنيوجرسي الأميركية. كل هذا يكفي لأن نقول بثقة إن مشوار سمو وزير التربية مع التعليم ذاته الذي يرأس إدارته اليوم كان شاقاً مكلفاً وأقرب إلى مصطلح "التربية العسكرية" منه إلى التعليم المدني. وكل من يقرأ قصة أولاد وبنات الملك فيصل بن عبدالعزيز مع التعليم سيدرك أن لصرامة الأب وتغييبه للعواطف دورا مهما في قصة نجاحهم العلمية الخارقة، ولكن أيضاً على النقيض تماماً وليسمحوا لي جميعاً: في الشعور بردة الفعل تجاه المدرسة.

وعفواً سمو الأمير الوزير: أطفالنا وأبناؤنا اليوم غابوا عن مدارسهم تماماً في الأسبوع الأخير ما قبل الإجازة للسبب ذاته في الحصة نفسها والدرس الذي دخلتم إليه مع بضعة طلاب ومعلم في مدرسة حائل. هم يشعرون بردة فعل تجاه المدرسة لأن المعلم الذي دخلت إليه في الفصل كان يشرح "اللازمة الشرطية" في الفوارق اللغوية ما بين "إذا كان" و"إذا ما كان" وهذا درس وفصل وموضوع وحصة للنسيان. هو درس مكتمل، واسمح لي، لكراهية لغتنا الجميلة، وبوابة مفتوحة إلى كراهية المدرسة. لا يمكن لأطفالنا وأولادنا أن يذهبوا للمدرسة في اليوم الأخير قبل الإجازة من أجل "اللازمة الشرطية" في قواعد اللغة لأنهم الجيل الرقمي الذي يعرف أن الفوارق بين "إذا كان" و"إذا ما كان" لن تأخذهم إلى تعليم ولا إلى مستقبل. كيف أقنع، يا سمو الوزير الأمير "خالد" الصغير، المسمى عليك، أن المدرسة مستقبل حياة وهو يقضي المساء مع اكتشافات وبرامج "ستيف جوبز" ثم يذهب في الصباح للمدرسة إلى سيبويه ونفطويه في سبع حصص مع 42 طالبا في مساحة 28 متراً مربعاً لست ساعات مكتملة.