تواصل "الوطن" لليوم الثاني حضورها على الشريط الحدودي الجنوبي، مع حراس الثغور.. الرجال الذين نذروا أنفسهم لحماية بلاد الحرمين مقدمين أرواحهم فداء لكل شبر من أرض الوطن.. جنود أمنيتهم الشهادة، ولا يهابون الموت متخذين من إيمانهم بالله ثم حبهم لوطنهم ومليكهم سلاحا يزلزل كيان المعتدين.

تضاريس متنوعة

بالأمس انطلقت جولتنا على الحدود الجنوبية غربا من قطاع الخوبة وسط وعورة التضاريس، فما إن دلفنا من قمم الجبال والأودية والشعاب حتى قابلتنا الحرات والهضاب والسهول بأوديتها ورمالها الملتهبة من حرارة الشمس، وتزامن وقت انطلاقنا صباحا هطول زخات من المطر ولكن ما هي إلا لحظات حتى ارتفعت درجة الحرارة والرطوبة بشكل كبير وما إن اقترب وقت الظهيرة حتى بدأت الرياح الموسمية "الغبرة" بالهبوب من الغرب.

هذا التنوع التضاريسي والطقسي خلق من رجال حرس الحدود خبراء في الطقس والتعامل مع التضاريس الوعرة مع مرور الوقت، فتارة ترى الجندي خبيرا في قص الأثر، حيث يستطيع تحديد اتجاه ووقت حصول الأثر، وهذا الحس الذي اكتسبه بالخبرة يستطيع من خلاله تتبع أثر المهربين والمتسللين والقبض عليهم.

كما اكتسب رجال حرس الحدود خبرة التنبؤ بحالة الطقس، مما يشكل فارقا كبيرا في أداء عملهم فهم يتعاملون مع بيئة دائمة التغير، خاصة أن المهربين يستغلون أوقات هطول الأمطار وهبوب العواصف والغبار للتسلل عبر الحدود.

خدمات إنسانية

ولرجال حرس الحدود مهام إنسانية أخرى مثل عمليات الإنقاذ من السيول الجارفة وحتى إسعاف وعلاج المتسللين المرضى في مستشفيات المملكة، ولا يتوقف عملهم تحت أي ظرف، فهم خط الدفاع الأول للتحذير من السيول الجارفة والقادمة والمنقولة من دولة اليمن، حيث يتم إبلاغ الجهات المعنية داخل المملكة لأخذ الحيطة، وتحذير سكان القرى الحدودية وتقديم المساعدة لهم إن لزم الأمر.

وفي جولتنا شاهدنا استعداد الطائرات المروحية لتقديم الدعم السريع لرجال حرس الحدود في وقت الحاجة واستخدامها في عمليات المراقبة الحدودية، إضافة إلى أبراج المراقبة الممتدة على طول الشريط الحدودي.

قدرات فائقة

يستطيع "الكمين" المكون من فردين ضبط أكثر من 40 متسللا دفعة واحدة، بفضل الخبرة التي اكتسبها رجال حرس الحدود من الممارسة اليومية، وقدرتهم الفائقة على استشعار وجود متسللين أو مهربين، ويصل المعدل اليومي لعدد المتسللين الذين يتم صدهم وضبطهم عبر الحدود الجنوبية بجازان إلي 700 متسلل، كما يصل المعدل اليومي من كميات الحشيش المضبوطة على الحدود 40 كيلوجراما يوميا، بخلاف إحباط عمليات التهريب شبه اليومية للأسلحة والذخيرة ومئات الأطنان من القات والمهربات الأخرى الممنوعة كالألعاب النارية والمواشي.

موسم التهريب

وأوضح الناطق الإعلامي لمديرية حرس الحدود بمنطقة جازان العميد عبدالله بن محفوظ الذي كان مرافقا لـ"الوطن" في الجولة، أن معدل التهريب عبر الحدود يزيد بشكل كبير مع دخول شهر رمضان، مبينا أن الأسبوع الماضي شهد تسجيل أعلى معدلات التهريب عبر الحدود منذ بداية العام،

كما يعد رمضان كذلك موسم التسلل عبر الحدود من الاتجاهين.

وعند مرورنا بأحد المراكز بقطاع الطوال شاهدنا مدى الجاهزية والتنظيم والدقة في تنفيذ الأوامر التي يتمتع بها رجال حرس الحدود، فالخطأ غير مسموح، وكل فرد وضابط يعرف مهامه الموكلة إليه.

وفي ختام جولتنا، أكد العميد ابن محفوظ أن رجال حرس الحدود يحظون بدعم غير محدود من وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، ومدير عام حرس الحدود الفريق ركن زميم بن جويبر السواط، ومتابعة ميدانية من قائد حرس الحدود بجازان اللواء عبدالعزيز الصبحي، مبينا أن فرد حرس الحدود هو محور الاهتمام، حيث بلغت نسبة البدلات المادية التي يتم صرفها للأفراد 100%.

مقبوضات الجولة

وعند مغادرتنا بعد الجولة التي استمرت يومين، رصدنا مقبوضات حرس الحدود بجازان خلال يومين فقط، وهي 1082 متسللا و12 مهربا و20 كيلو من الحشيش و10266 كيلو قات و21 قطعة سلاح و700 قطعة ذخيرة.