يعيش أهالي المدينة المنورة شهر رمضان في أجواء عائلية داعمة للحفاظ على الموروث الشعبي في هذا الشهر، فرغم التغيرات التي طرأت على المجتمع، حافظ المدنيون على عاداتهم الاجتماعية والدينية، التي اشتهرت بسقيا زوار طيبة وصلة الرحم وحضور الدروس الدينية، ومشاركة الأهل الإفطار والسحور، وإقامة صلاة التراويح في المسجد النبوي.

ويؤكد عدد من المهتمين بتاريخ المدينة، أن أهالي المدينة اشتهروا بالحفاظ على التقاليد الرمضانية، في شهر الصوم يستعيد أهالي طيبة بعض الموروث الشعبي لاستقبال هذا الشهر منذ منتصف شعبان، وذلك بعدد من المظاهر التي يرحبون بها بالشهر الكريم، إلا أن بعض تلك المظاهر اندثرت في السنوات القليلة المنصرمة.

ويوضح الباحث في تاريخ المدينة أحمد أمين مرشد، أن الطابع الرمضاني الذي كان يهيمن على أجواء المدينة قبل عقود تراجع نسبيا الآن، حيث بدأت تتبدل العادات لدرجة اندثار بعضها، وبالتالي فإن ما بقي من بعض تلك العادات هو في طريقه إلى الاندثار أيضا، داعياً أهالي المدينة إلى الحفاظ على تلك العادات من أجل ترسيخ الطابع الرمضاني المديني.

وقال مرشد لـ"الوطن": إن شهر رمضان عند أهالي المدينة المنورة يرتبط بإعداد الأكلات الشعبية والحلويات والفطائر. وتحتل العصائر والمشروبات مكانة خاصة على مائدة الإفطار بسبب ارتفاع درجات الحرارة لمعدلات قياسية، وامتداد فترة الصيام لأكثر من 14 ساعة. وأفاد بأن من العادات التي يتبعها المدنيون خلال شهر رمضان حلاقة شعر الرأس للرجال وأيضا الأطفال، تيمناً بقدوم الشهر الكريم، وهي عادة بدأت في الانحسار مؤخراً خاصة بين الشباب.

بدورها، تشير عزة البركاتي إلى أن المدينة المنورة تشتهر في رمضان المبارك بكثرة زيارات الأهالي لبعضهم، مبينة أن الأهالي يرتادون بشكل يومي أحد المنازل لتناول الإفطار، مصطحبين معهم ما يقومون بصنعه في منازلهم من مأكولات وعصيرات وغيرها. ولفتت إلى أن المشروبات الباردة وأبرزها "السوبيا" تتصدر مائدة الإفطار، وأبرز معديها "الخشة"، فضلاً عن "الشوربة والسمبوسة" و"لقيمات القاضي" والبليلة.

وأوضحت البركاتي أن التجار قبل 45 عاماً كانوا يبسطون تجارتهم وبضاعتهم الرمضانية أمام بابي السلام والرحمة بالمسجد النبوي، لبيع التمور والمعجنات والشريك والقطايف والحلويات والمواد الغذائية، مثل السمبوسة، والمقليات، مضيفة أنهم يرددون عبارة "عبي فطورك يا صائم"، وذلك بعد صلاة العصر، وقبيل أذان المغرب. وذكرت أن الفرّانة يستعدون لإخراج الطبليات، التي تحتوي على أنواع متعددة من الخبز، ومنه الشريك والفتوت المدني.